السؤال: (قال مسؤول حزبي بارز إن أكبر حزبين في باكستان "الرابطة والشعب" سيجتمعان يوم الاثنين للتفاوض حول تشكيل حكومة ائتلافية بعد انتخابات غير حاسمة وسط عدم استقرار سياسي واقتصادي في البلاد.. ومحادثات يوم الاثنين هي الجولة الخامسة من مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية... رويترز 2024/2/19) وكانت الانتخابات الباكستانية قد أقيمت يوم 2024/2/8 بعد تأجيل.. فهل تعني اجتماعات يوم الاثنين المذكور استبعاد الموالين لحركة إنصاف من الحكم؟ وهل اتهامات التزوير والتلاعب بالانتخابات حقيقية؟ وإلى أين تسير الأمور بعد الانتخابات في باكستان؟
الجواب: جرت الانتخابات في باكستان بعد أن تم تأجيلها لشهور، (وأظهرت النتائج النهائية التي أعلنت اليوم الأحد فوز المستقلين بـ101 مقعد، في حين حصل حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية-جناح نواز (رئيس الوزراء السابق نواز شريف) على 75 مقعدا، وفاز حزب الشعب الذي يقوده بيلاوال بوتو زرداري بـ54 مقعدا، والحركة القومية المتحدة على 17 مقعدا. الجزيرة نت، 2024/2/11)، وكان يراد لهذه الانتخابات أن تقود البلاد نحو الاستقرار السياسي بعد فترة عصيبة من الفوضى أعقبت سحب ثقة البرلمان عن حكومة عمران خان والإطاحة به في 2022/4/9، ومن ثم تولي شهباز شريف (شقيق نواز شريف) لرئاسة الوزراء في باكستان عن حزب الرابطة الإسلامية-جناح نواز، وبعد ذلك اشتعلت احتجاجات عاصفة في البلاد.. أما إلى أين تسير الأمور بعد الانتخابات في باكستان فلا بد من استعراض الأمور التالية:
1- باكستان هي واحدة من أهم البلدان الإسلامية، فالزخم السكاني (250 مليون نسمة) يجعلها خزاناً بشرياً كبيراً لتحريك العجلة الاقتصادية أو توفير القوة البشرية للجيش، فباكستان واحدة من الدول الفريدة في العالم ذات القوة البشرية والعسكرية والموقع الاستراتيجي.
2- تعتبر باكستان اليوم واحدة من البلدان الفقيرة في العالم، وذلك رغم توفر السهول الزراعية الخصبة والمياه، ورغم القدرات الصناعية فيها، ورغم القوة البشرية القادرة على تحريك أكبر اقتصادات العالم، وذلك يعود للسياسات الفاشلة التي تدفع بها أمريكا، فالفساد المالي والإداري وتفشي داء الاعتماد على الغير كالصين أو أمريكا يعيق أي محاولة للتقدم الاقتصادي، وقد عانت البلاد من كارثة الفيضانات عام 2022 التي دمرت الأراضي الزراعية ووقفت الدولة عاجزةً عن تقديم أي حلول ذات قيمة. وبجانب الفشل الاقتصادي فإن الفشل التام وفي كل المجالات هو السمة الأبرز للحكم في باكستان عبر عقود.
3- تفجرت في باكستان الروح الجهادية الإسلامية بشكل أرعب العالم، وكان ذلك على وقع قضية كشمير وكذلك على وقع الاحتلال السوفييتي لأفغانستان ومن بعده الاحتلال الأمريكي، وقد كشفت الأحداث الكثيرة عبر عقود عن روح قتالية صلبة ضاربةً جذورها في أعماق العقيدة الإسلامية لدى الشعب الباكستاني، فكانت الحركات الإسلامية الجهادية المتعددة لتحرير كشمير وأفغانستان، وكانت الدعوات لنصرة المسلمين في جميع أنحاء العالم، وتجذرت في باكستان حركات ما يسميه الغرب بالإسلام السياسي وأشهرها الدعوة التي تجذرت لإقامة الخلافة، ولكل ذلك فإن تفجر الإسلام في باكستان قد جعلها بالإضافة إلى جارتها أفغانستان مركزاً ثانياً للثقل السياسي الإسلامي بعد الشرق الأوسط.
4- يعتبر الجيش الباكستاني قوة عسكرية عملاقة مدججة بأسلحة فتاكة وبقدرات نووية يحسب لها حساب، وبسبب التاريخ الطويل للصراع مع الهند فإن أمريكا تدفع بالجيش الباكستاني نحو الحرب الأهلية داخل باكستان، وتدفعه للصدام والاشتباك مع حركة طالبان التي عادت للحكم عام 2021 في أفغانستان، بل وصارت تدفعه كذلك نحو الحدود الإيرانية، كل ذلك من أجل تمكين الهند من المشاركة في استراتيجية أمريكا لوقف صعود الصين وإشغال الصين باحتمالات الحرب مع الهند. وكانت أمريكا قبل هذا وذاك قد نجحت في جعل باكستان ممراً لها إلى أفغانستان أثناء احتلاله 2001-2021، لكن وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن عين أمريكا لا تغفل للحظة عن المخاطر الاستراتيجية لقوة الجيش الباكستاني، لذلك سمى الرئيس الأمريكي بايدن باكستان بأنها ("واحدة من أخطر الدول في العالم"... يورو نيوز عربي، 2022/10/15)، كل ذلك على الرغم من عمالة القيادة العسكرية والسياسية في باكستان وسهولة استجابتها للسياسات الأمريكية.
5- ومما يزيد من أهمية باكستان أن الصين، وهي المنافس الدولي الأبرز لأمريكا، تنظر للباكستان نظرةً خاصة، فهي تناصر باكستان ضد الهند، وتزود باكستان بالأسلحة، وتستثمر في باكستان عشرات مليارات الدولارات على شكل قروض وبعض المنح لدعم البنية التحتية والطرق والموانئ والصناعات، وعلى الرغم من أن أمريكا تمتلك زمام الحكم والنفوذ في باكستان إلا أنها تنظر بعين الريبة لهذه الجهود والاستثمارات الصينية في باكستان.
6- وبهذه الحقائق فإن أول ما يجب وعيه أثناء النظر في الأحداث السياسية في باكستان أن رأس الكفر أمريكا كانت تركز في باكستان على جيشها وقيادتها العسكرية بوصفه مربط الفرس في الهيمنة والنفوذ داخل باكستان، ومن المشاهد الكبيرة للسيطرة الأمريكية على الجيش وقيادته العسكرية في باكستان إبعاد البلاد عن الصراع والحرب مع الهند رغم استمرار الاستفزازات الهندية في كشمير، بل وزيادة وتيرتها، ومن تلك المشاهد توجه الجيش الباكستاني للحرب الأهلية وإشعاله للحرب شمال غرب باكستان للقضاء على المجاهدين الذين كانوا يؤازرون إخوانهم في أفغانستان أثناء الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، ومن تلك المشاهد الاشتباكات التي تحدث بين الفينة والأخرى مع أفغانستان، يضاف إلى تلك المشاهد أن الغزو الأمريكي لأفغانستان كان كله يعبر من البوابة الباكستانية، لذلك فإن السيطرة الأمريكية على القيادة العسكرية في باكستان هو ما يجعل باكستان دولةً عميلةً لأمريكا.
7- والجيش الباكستاني يسيطر على البلاد بشكل كامل، وكان يتدخل في الحياة السياسية والحزبية في البلاد وعندما تخرج الأمور عن السيطرة كان يتدخل بانقلاب عسكري ويطيح بالحكام.. فبعد أن كان يتقلب على حكم البلاد حزبان سياسيان، هما حزب الرابطة الإسلامية وحزب الشعب الباكستاني، وكان ينظر للأول باعتباره حزباً يمينياً فيما ينظر للثاني كحزب يساري، والأول يتمتع بدعم واسع في إقليم البنجاب فيما يتمتع الثاني بالدعم الواسع في إقليم السند، وبسبب فشل الحزبين عبر التاريخ وانغماس كافة القيادات من كلا الحزبين في الفساد وصيرورة قيادتهما من الملاك الإقطاعيين في باكستان، ومع ذلك فإن الجيش وأمام هذا الفشل المزمن والامتعاض الكبير داخل باكستان والذي يدفع بالناس باتجاه حركات الإسلام السياسي قد رأى أن يغير المعادلة، فجاء بعمران خان، وهو قائد لحزب غير كبير وقتها (حركة إنصاف) وأعلى صوته ضد الفساد على وقع الاتهامات الكبيرة والمحاكم التي نصبت لرئيس الوزراء السابق وزعيم الرابطة الإسلامية نواز شريف حتى فازت حركة إنصاف بالأصوات البرلمانية وصار عمران خان رئيساً للوزراء سنة 2018.
8- وفي تلك الفترة كانت المحاكم الباكستانية تلاحق الحاكم السابق نواز شريف بتهم الفساد، والذي كان استقال من منصبه في حزيران 2017 إثر إدانة المحكمة العليا إياه بتهم فساد متعلقة بالتهرب الضريبي والحكم بعدم أهليته للبقاء في منصبه، وحُكم عليه في تموز 2018 بالسجن لمدة 10 سنوات بتهم الفساد، (اتهم رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف قائد الجيش قمر جاويد باجوا بالإطاحة بحكومته، والضغط على السلطة القضائية، وتنصيب الحكومة الحالية بقيادة عمران خان في انتخابات عام 2018. رويترز، 2020/10/17)، ولكل ذلك فإن الإطاحة بنواز شريف ومحاكمته وإقامة الانتخابات وهو خلف القضبان في باكستان كانت بقرار من الجيش، وكان الإتيان بعمران خان بعيداً عن الحزبين التقليدين في باكستان بقرار من الجيش أيضاً.
9- لقد سُمح لنواز شريف الذي يقضي عقوبة السجن بالسفر لبريطانيا لأغراض صحية، وكان ذلك باتفاق معه على أن يعود بعد علاجه لباكستان لاستكمال فترة العقوبة.. لكن الجيش وعندما أطاح بعمران خان (وقد بينا ذلك في جواب سؤال عن "أمريكا واستبدال عملائها في باكستان" بتاريخ الخامس من شوال 1443هـ-2022/05/05م)، قد أخذ يزيل كافة العقبات أمام عودة نواز شريف، فبعد الإطاحة بعمران خان عام 2022 تم تعيين شقيق شريف (شهباز شريف) رئيساً مؤقتاً للوزراء لحين إجراء الانتخابات. هذا بالإضافة إلى إصدار محكمة إسلام أباد قراراً بالإفراج عن نواز شريف بكفالة قبل وصوله إلى البلاد، وأصدر البرلمان قانوناً في حزيران 2023 يحدد 5 سنوات كحد أقصى لعدم أهلية عضو بالبرلمان للترشح بعد أن كان مدى الحياة بما يتيح لنواز شريف العودة للبلاد وترشيح نفسه، وهكذا عاد نواز شريف من الخارج ومثل أمام المحكمة تمهيداً لتبرئته من التهم الموجهة ضده والتنافس في الانتخابات (إندبندنت عربية، 2023/10/27) وهذا ما كان! فأصبح نواز شريف سياسياً "نظيفاً" من جديد وقد ترشح للانتخابات مع حزبه "الرابطة الإسلامية" في وقت يقود فيه أخوه شهباز الحكومة المؤقتة المشرفة على الانتخابات، (وحصل شريف على دعم الجيش عند عودته إلى باكستان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أربع سنوات في المنفى بلندن. إندبندنت عربية، 2024/2/10) ووفق المصدر نفسه، (من جانب آخر، يعتقد أن نواز شريف عاد للدولة بعد عقد "صفقة" مع المؤسسة العسكرية لإعادته إلى منصب رئيس الوزراء للمرة الرابعة. ويتهم حزبا "الإنصاف" و"الشعب" بأن الاستقبال الرسمي الذي تلقاه شريف عند عودته دليل على وجود تفاهم بينه وبين المؤسسة العسكرية).
10- هذا عن نواز شريف.. أما عمران خان فهو يقبع اليوم في السجن وقد حكم عليه بتهم متعددة.. وبسبب ذلك منع من الترشح للانتخابات ومنع حزبه "حركة إنصاف" من خوض الانتخابات كحزب سياسي. وبهذا يتضح كيف تنقلب الموازين السياسية في باكستان، فإن عمران خان اليوم (2024) قد انقلبت عليه موازين الجيش وأصبح في الموقع ذاته الذي كان به نواز شريف سنة 2018، وأما نواز شريف فقد عاد إلى الصدارة بعد أن أزيلت من أمامه كافة العقبات كما بينّا، وبهذا كله يتبين كيف تتلاعب قيادة الجيش الباكستاني بالانتخابات البرلمانية وكيف تتلاعب بتلك الأحزاب السياسية التي تنشد رضاه من أجل نيل الحكم. وهذا ليس خفياً، فقائد الجيش سجن نواز شريف وجاء بعمران خان.. ثم سجن عمران خان وأعاد نواز شريف! وهكذا يتم التلاعب بأشباه السياسيين من زعماء الأحزاب وفق رغبات أمريكا من أجل كرسي حكم قوائمه معوجة! ثم إذا انتهى دوره ألقي به جانباً أو خلف قضبان السجون!
11- إن قيادة الجيش هي التي تتحكم في الدولة ومن ثم في الانتخابات بطرق عديدة، وقد تم الاعتراف بقطع الاتصالات والإنترنت عن بعض المناطق، وقالت الدولة إن ذلك بغرض منع الفوضى والاضطرابات في يوم الانتخابات! وكذلك تحتكر الدولة مسألة تحديد الدوائر الانتخابية بناءً على إحصائها لعدد السكان، ومن هذا الباب تستطيع زيادة الدوائر أو إنقاصها لصالح أحزاب محددة لها في تلك الدوائر ثقل انتخابي! وقد أجّلت الانتخابات من آب 2023 وحتى شباط 2024 بحجة إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية بناءً على آخر إحصائية لعدد السكان.. وبهذه المعاني فإن زعماء الأحزاب الذين يتناوبون على الحكم كلهم ملزمون بالتبعية لأمريكا وبخدمتها، ومن يخرج عن هذا الخط الأمريكي أو يجتهد في ذلك أو يناوش الجيش تدبر له المؤامرات كما رأينا وتنصب له محاكم الفساد حتى يصل إلى خلف القضبان، لذلك فكل هذه الأحزاب تعمل تحت مظلة القيادة العسكرية للجيش، وهي قيادة عميلة لأمريكا، وقد تتنافس هذه الأحزاب تنافساً محلياً فيما بينها ليختار الجيش من بينها الأنسب للمرحلة...
12- ثم إن قيادة الجيش تسمح بالأخذ والرد في نتائج الانتخابات لإظهار أنها بعيدة عن التحكم في النتائج! فقد (أعلن نواز شريف وعمران خان، رئيسا الوزراء السابقان في باكستان، الجمعة الفوز بالانتخابات العامة. إندبندنت عربية، 2024/2/10)، فحركة إنصاف تعتبر أن حصول المرشحين المستقلين على 101 صوت، والغالبية العظمى من هؤلاء هم من أتباعها، وهو أكبر عدد من الأصوات تحصل عليها كتلة ما، يؤهلها كحزب لتقود عملية تشكيل الحكومة، ولكن حزب الرابطة الإسلامية بقيادة نواز شريف والحاصل على 75 مقعداً في البرلمان يقول بأنه ككتلة هو الفائز في الانتخابات، وهو ما يشير إليه تصريح قائد الجيش حين طلب من كافة الأحزاب السياسية "ذات الكتل السياسية" النضج والوحدة في مواجهة الفوضى، بمعنى أن حركة إنصاف-حزب عمران خان ورغم العدد الأكبر للمقاعد البرلمانية التي حصلت عليها إلا أنها من ناحية رسمية مقاعد لمستقلين وليست لكتلة سياسية، فتبقى كتلة نواز شريف هي صاحبة الحق "قانوناً" بقيادة عملية تشكيل الحكومة عن طريق الائتلاف مع أحزاب أخرى.
13- وعلى الرغم من اعتراف بعض المسئولين بحدوث "تزوير في الانتخابات": [إسلام أباد - اعترف لياقت علي تشاثا مفوض حكومي في مدينة روالبندي (جنوب شرق إسلام آباد) بالتزوير بنتائج الانتخابات التي جرت تحت إشرافه في مدينة روالبندي.. وأضاف "لقد جعلنا المرشحين المستقلين الذين حصلوا على ما بين 70 ألف إلى 80 ألف صوت يخسرون من خلال وضع أوراق تصويت مزورة". وفي رسالة مكتوبة بخط اليد، قال تشاثا إنه سيستقيل من منصبه لأنه متورط بشدة في "جريمة خطيرة وهي تزوير الانتخابات العامة عام 2024".. وردا على ادعاءات تشاثا، قالت لجنة الانتخابات الباكستانية إنها "ترفض بشدة الاتهامات الموجهة ضدها أو ضد رئيسها".. وأضافت "لكن لجنة الانتخابات ستجري تحقيقا في الأمر في أقرب وقت ممكن".. الجزيرة، 2024/2/17].. على الرغم من ذلك إلا أن قائد الجيش بعد أن أخرج نواز شريف من السجن وسمح له بالترشح على رأس حزبه يبدو أنه يهيئ الساحة له في رئاسة الوزراء (قال مسؤول حزبي بارز إن أكبر حزبين في باكستان "الرابطة والشعب" سيجتمعان يوم الاثنين للتفاوض حول تشكيل حكومة ائتلافية بعد انتخابات غير حاسمة وسط عدم استقرار سياسي واقتصادي في البلاد.. ومحادثات يوم الاثنين هي الجولة الخامسة من مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية.. وتجري مفاوضات حاليا لإقناع حزب الشعب بالانضمام للحكومة وتولي مناصب وزارية ضمن عدة مقترحات لتقاسم السلطة بين الحزبين.. وقد تواجه الحكومة الجديدة أيضا المزيد من التوتر السياسي، إذ يشكل أعضاء البرلمان من المستقلين المدعومين من رئيس الوزراء الأسبق والمسجون حاليا عمران خان أكبر مجموعة في المجلس التشريعي. رويترز، 2024/2/19)، فقيادة الجيش تجعل من تريده فائزاً هذا اليوم، وتجعله غداً خاسراً سجينا.. وهكذا دواليك! ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُون﴾.
14- وعلى وقع هذا التلاعب العميق بالحكم في باكستان من قبل القيادة العسكرية العميلة لأمريكا حيث يوجد المناخ للفوضى السياسية والتي يمكن أن تستمر وتضرب باستقرار البلاد.. كل ذلك يمكن أن يكون دافعاً قوياً للمخلصين في الجيش وفي باكستان عموماً للنهوض ووضع حد لتبعية البلاد لأمريكا.. ومن ثم إقامة حكم الله، الخلافة الراشدة، وعد الله سبحانه ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وبشرى رسوله ﷺ بعد الملك الجبري الذي نحن فيه: (...فَقَالَ حُذَيْفَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «..ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» أخرجه أحمد). حيث ينتظر إقامة هذا الفرض العظيم القاصي والداني من أبناء الأمة الإسلامية.. خاصة وأن باكستان أنشئت على أساس الإسلام منذ إنشائها فعامة أهلها وجيشها يحبون الإسلام والمسلمين، وارتباط حكامها وقيادة جيشها بأمريكا أهون عند الله من أن يغيروا حب الأمة لإسلامها، وهكذا فالعاقبة للمتقين إذا صدقوا وعملوا وجدوا واجتهدوا ونصروا الله، فالله ناصرهم ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.
العاشر من شعبان 1445هـ
2024/2/20م