قضية فلسطين تتقاذفها الأيدي الاستعمارية
ذكر موقع روسيا اليوم (2016/8/30) أن مصدرا دبلوماسيا روسيا أفاد بأن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، سيبحث مع رئيس وزراء كيان يهود، بنيامين نتنياهو، إمكانية "عقد محادثات إسرائيلية فلسطينية مباشرة في موسكو". وأن نتنياهو وعباس قد يلتقيان في موسكو في تشرين الأول/أكتوبر.
واعتبرت اللجنة المركزية لحركة فتح أن تسارع المبادرات الدولية لإحياء العملية السلمية تطورا إيجابيا لإنجاح المبادرة الفرنسية والمؤتمر الدولي للسلام.
من الواضح لمن يدرك مواقف الأطراف الفاعلة أن كل مبادرة سياسية (تلتزم "حل الدولتين" الأمريكي) ستبقى في حالة تصادم مع الرؤية الليكودية التوسعية التي تصر على تفرد السيادة اليهودية على فلسطين، والتي هي مسألة راسخة في عقلية نتنياهو، لذلك فليس ثمة من أفق سياسي للمبادرات السياسية.
ومن المعلوم أن المبادرة الفرنسية ليست قادرة على إحداث اختراق في الجمود السياسي فيما يتعلق بفلسطين، وأن فرنسا لا تملك أدوات الضغط على حكومة نتنياهو وهي عاجزة عن إحداث تغيير جوهري في مسار قضية فلسطين، ولذلك فمبادرتها لا تعدو أن تكون مجرد صرخة في واد.
ومن ثم فإن محاولة روسيا العزف على لحن المبادرة الفرنسية والتطبيل لحشد مؤتمر دولي هي جعجعة سياسية بلا طحن، وإن أمريكا لن تسمح للقوى الأخرى بسحب أوراق القضية من يدها، وخصوصا وهي في سنتها الانتخابية، ولكن سلطة فتح وأبواقها ممن اعتقدوا أن "الحياة مفاوضات" يتعلقون بكل قشة، ويلهثون خلف كل ناعق. وهم قد حذفوا من قاموسهم السياسي معاني العزة ونصرة الأمة، وجيوشها، ولا يفكرون خارج صندوق الدبلوماسية المخادعة.
إن هذا الحراك السياسي ليس إلا دحرجة مستمرة لقضية فلسطين على منحدر الخيانة والانبطاح، وهو نهج عشقته سلطة فتح ولم تعد تستطيع الفكاك منه، ولذلك فهي اليوم تمجد هذا الحراك الروسي الفارغ، كما مجّدت من قبله الحراك الفرنسي. وهي قد فقدت بوصلة التحرير عندما تعامت عن حقيقة أن فلسطين قد احتلت بالقوة العسكرية وعبر إراقة الدماء ولا يمكن أن تعود إلا بقوة الجهاد في سبيل الله، الذي يقتلع كيان يهود من جذوره، ويقضي على شروره، وهو جهاد لا يؤتي أكله إلا عبر الجيوش تحت قيادة مخلصة.
إن قضية فلسطين بحاجة إلى مبادرة الأمة الإسلامية عبر شعوبها لتحريك قواها العسكرية، وهي بحاجة إلى حراك شعبي يشحن الأمة لذلك، لا إلى حراك دبلوماسي يخدرها ويضللها. ومن المؤسف أن هذا الحراك في الأمة قد تراجع مع تعاظم المؤامرات على المسلمين في مصر وليبيا وتونس، وفي الشام والعراق واليمن، وتركيا، وقد رخصت دماء المسلمين في الصراعات الطائفية وفي الحرب الأمريكية على الإسلام، بينما عُطل كل حراك فعلي يصب في قضية تحرير فلسطين.