تعليق صحفي
هل تنجح أمريكا بتحويل مطالب أهل سوريا بخلع النظام السوري
إلى تسول سياسي وأمني وإنساني!؟ فلسطين نموذجاً
أعلنت "الهيئة العليا للمفاوضات"، المنبثقة عن المعارضة السورية، التزامها بـ"هدنة مؤقتة لمدة أسبوعين" بموجب الاتفاق الأمريكي الروسي الذي نص على وقف لإطلاق النار في سوريا يدخل ليلة الجمعة السبت حيز التنفيذ.
وجاء في بيان الهيئة بعد اجتماع عقدته في الرياض: "ترى الهيئة أن هدنة موقتة لمدة أسبوعين تشكل فرصة للتحقق من مدى جدية الطرف الآخر بالالتزام ببنود الاتفاقية"، مشيرة إلى أنها وضعت "جملة من الملاحظات لتأكيد ضمان نجاح الهدنة لأن تطبيق بنود النص المطروح مرهون بتنفيذ المتطلبات الجادة والفعالة لتحقيق الحماية اللازمة للمدنيين السوريين، وتهيئة الظروف المناسبة للسير في عملية سياسية".
لقد نجحت أمريكا بشكل خاص والغرب وروسيا بشكل عام في تحويل قضية فلسطين من قضية إزالة الاحتلال من كافة أرض فلسطين إلى تسول واستجداء للحلول السياسية التي تعطي السلطة الفلسطينية دويلة هزيلة على جزء يسير من فلسطين بعد أن تنازلت عن معظمها لليهود، وتسول للمال واستجداء للحماية من بطش الاحتلال، وكل تحركات وتصريحات ولقاءات رجالات السلطة منذ إنشائها تدل على هذا حتى وصل الحال بالسلطة لاستجداء الأموال من الاحتلال اليهودي كما حصل من وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة، ولن أطيل في الاستدلال على الحال التي وصلت إليه السلطة وقضية فلسطين، ولا ينكره إلا أعمى البصر والبصيرة وهذا لا يحتاج إلى إقناع واستدلال.
وأما على صعيد قضية أهل الشام فإن الثورة قامت ضد النظام الظالم المجرم لخلعه من جذوره، وتنامى الأمر ليطلب أهل الشام إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ورفعوا لواء رسول الله rالأبيض ورايته السوداء راية العقاب، وقالوا "هي لله"، و"قائدنا للأبد سيدنا محمد" وهذا كان محل إجماع تقريبا من معظم الثوار والفصائل المسلحة إلا قلة منها تسلحت من أمريكا مقابل قتال تنظيم الدولة على أن لا تقاتل النظام.
وأنشأت أمريكا معارضة الفنادق بأسماء وهيئات متعددة وأبدت لهم أنها مع تغيير النظام، ولكن أهل الشام والثوار لفظوهم، فلجأت أمريكا إلى سياسة العصا والجزرة، فهي من جانب استعملت العصا فجعلت النظام وإيران وحزبها في لبنان ثم روسيا يبطشون ويقتلون ويدمرون ويعيثون في الشام الفساد، ومن جانب آخر استعملت الجزرة فجعلت السعودية والأردن وقطر وتركيا يمولون ويسلحون بعض الفصائل ويمنونها بتغيير النظام، حتى انضمت بعض الفصائل إلى معارضة الفنادق العلمانية وشاركوا جميعا في مؤتمر الرياض ثم جنيف واستمر التنسيق بين هذه المعارضة وبين أمريكا حتى بدت ملامح التسول والاستجداء ظاهرة للعيان في تصريحات قادة المعارضة المفاوضة وهي كثيرة من مثل الذي ذكرناه أعلاه "جملة من الملاحظات لتأكيد ضمان نجاح الهدنة لأن تطبيق بنود النص المطروح مرهون بتنفيذ المتطلبات الجادة والفعالة لتحقيق الحماية اللازمة للمدنيين السوريين، وتهيئة الظروف المناسبة للسير في عملية سياسية".وقد أصبح تغيير النظام مغيباً وإن ذكر فيذكر مبهما وعلى استحياء.
لقد مكن انضمام بعض الفصائل المسلحة إلى معارضة الفنادق ومشاركتها في المفاوضات، مكن أمريكا من استعمال لغة التهديد المبطنة والمباشرة لفصائل الثوار وأهل الشام، فتارة تهدد باستمرار القتل والتهجير، وتارة تهدد بتقسيم سوريا كما حصل على لسان كيري مؤخرا بقوله "ربما يفوت الأوان لإبقاء سوريا موحدة إذا انتظرنا فترة أطول".
إن قرار وقف إطلاق النار أو "وقف الأعمال العدائية" المعلن مع استثناء الأعمال القتالية ضد ما أسموه بالجماعات "الإرهابية" كتنظيم الدولة وجبهة النصرة، قرار خطير جدا بل من أخطر القرارات على الثورة السورية لأن معناه الحقيقي أن تتوقف الفصائل المقاتلة عن قتال النظام السوري، بينما يستمر النظام وروسيا وأمريكا والتنظيمات الموالية لهم في قتال التنظيمين "الدولة والنصرة" وأي تنظيم يطالب بتغيير النظام السوري بحجة أنه تنظيم إرهابي، وبالتالي تجهض الثورة السورية ليحصل التغيير الشكلي كما حصل في مصر وتونس واليمن، بل ويزداد النظام بوجهه الحالي أو بوجه جديد بطشا بأهل الشام جميعا دون استثناء ويعاقبون على ثورتهم.
لذلك فإننا ننصح أهل الشام وجميع الفصائل وهو لا يزال هناك متسع من الوقت وقبل فوات الأوان، أن اقطعوا الحبال مع أمريكا والسعودية وقطر والأردن وتركيا ومثيلاتها وتخلوا عن معارضة الفنادق وارجعوا إلى الله الناصر المعز، ووحدوا كلمتكم وجهدكم بأسرع وقت وخوضوا معركة فاصلة مع النظام في دمشق، ولاحقوا فلوله وفلول الروس ليتحقق النصر المبين فيحصل التغيير المنشود وينتهي التدخل الروسي والأمريكي والغربي وأدواتهم في الشام، فتقيموا حكم الله فتحصلوا على عز الدنيا والآخرة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.