تعليق صحفي
أترضى جيوش المسلمين أن تكون رأس حربة الاستعمار في حربه للأمة ومشروع نهضتها؟!
صرح الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في كلمة ألقاها في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في أبو ظبي أن الوضع في سوريا بحاجة إلى نشر قوات برية عربية بدعم من المجتمع الدولي. وبشأن "الحرب ضد الجهاديين"، قال: "إنها على الأرجح الحرب العالمية الثالثة (...) حرب بين الحضارة والهمجية"، وقال إنه "لا يمكن أن يكون هناك تسويات بيننا وبينهم، وحين نقول بيننا أي أنتم ونحن".
إن تصريحات ساركوزي هذه تؤكد على الأمور التالية:
1. إن الحرب التي تشنها القوى الاستعمارية على الشام وبقية بلاد المسلمين هي حرب حضارية، لا بين "الحضارة" المزعومة و"الهمجية" المفتراة كما يضلل ساركوزي، بل بين الرأسمالية الاستعمارية الوحشية التي دمّرت العالم واستعبدت البشر ونهبت الخيرات، وبين مبدأ الإسلام الذي يتطلع أصحابه ويعملون لعودة دولته المبدئية "الخلافة على منهاج النبوة" التي ستنشر الخير والعدل والرحمة وتنقذ البشرية مما هي فيه من كوارث ومصائب وويلات.
2. إن هذه المعركة هي معركة مفصلية، لذا سماها ساركوزي بالحرب العالمية الثالثة، وهي تعبير عن التحول الذي يمكن أن تحمله، وتعبير عن مدى خوف القوى الكبرى من قيام الخلافة التي ستقتلع نفوذها الاستعماري من بلاد المسلمين والمنطقة، بل وستغير معالم الموقف الدولي ومجريات الأحداث السياسية، وهي تصريحات تتوافق مع أقوال أوباما في خطابه الأخير لحالة الاتحاد عندما اعتبر أن منطقة الشرق الأوسط يمكن أن تشهد تحولات جذرية ستؤثر على الأجيال القادمة.
3. إن الاستعمار والحكام هم فسطاط واحد في مواجهة الأمة ومشروعها الحضاري، فهم جبهة واحدة، لذلك خاطبهم ساركوزي بضمير المتكلم للتعبير عن تلاحمهم، وهو دليل واضح لمن بقي على عينيه غشاوة على مدى عمالة الحكام وتواطؤهم ضد الأمة، وهو يدعو إلى قطع كل الوشائج مع هذه الأنظمة ورؤوسها الضالين المضلين.
4. إن الاستعمار يسعى لاستخدام قوات عربية لحسم الصراع في المنطقة فيريد تسخير جيوش المسلمين لصالح استمرار نفوذه وهيمنته على بلاد المسلمين وضد الأمة ومشروع نهضتها! أفترضى بعد ذلك جيوش المسلمين أن تكون رأس حربة المستعمرين في حرب أمتها؟! أفترضى جيوش المسلمين أن تكون هي خط الدفاع الأول عن القوى الاستعمارية التي تقتلنا وتنهب خيراتنا وتنتهك حرماتنا وتدنس مقدساتنا؟!
إن الأمة، وقد اتضح لها حقيقة ما يجري وطبيعة الحرب التي تشن ضدها، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تقف بكل قواها موقفاً على قدر هذا التحدي الكبير، فتحسم أمرها بالسير الجادّ نحو إقامة الخلافة وتحرّض أبناءها من الجيوش ومن أهل القوة والمنعة ليكونوا عوناً ونصيراً للساعين لإقامة الخلافة التي ستسير الجيوش دفاعاً عن المسلمين وأعراضهم ومقدساتهم، فيعود للجيوش دورها الحقيقي ويعود للأمة مكانتها المرموقة، خير أمة أخرجت للناس.
قال عليه الصلاة والسلام "الأمام جنّة، يقاتل من ورائه ويتقى به"