تعليق صحفي
التطبيع منكر والدعوة له جريمة سياسية ولو على لسان من يرفع شعار الإسلام!
أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى "دفء ممكن" في العلاقات مع "إسرائيل"، وقال إن المنطقة بأكملها ستحقق مكاسب كثيرة من تطبيع العلاقات. وقال أردوغان، للصحفيين خلال رحلة عودة من تركمانستان، إن "تطبيع العلاقات مع إسرائيل" أمر ممكن إذا تمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق لتعويض ضحايا مداهمة "البحرية الإسرائيلية" أسطول الحرية، وإذا ما رفعت "إسرائيل" الحصار على الفلسطينيين، حسب الغد العربي نقلا عن الأسوشيتد برس (14/12/2015).
إن العلاقة مع كيان يهود هي علاقة الحرب لا يمكن أن تكون دافئة، والتطبيع معه باطل شرعا بما يتضمنه من شرعنة الاحتلال اليهودي لأرض فلسطين الإسلامية، ولما يعني من تمكينهم من رقاب المسلمين فيها، وذلك بمقتضى قول الله تعالى "وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً".
والدعوة للتطبيع جريمة سياسية محرمة شرعا، ولا يصح أن تصدر عن قيادة سياسية تعتبر أنها تحمل مشروعا إسلاميا. ولذلك جدير بكل من يرفع صوته منافحا عن الإسلام أن يستنكر مثل هذه الدعوات، لا أن يمررها تحت عباءة المشاعر الإسلامية تجاه من يرفع شعار الإسلام. فالرجال تعرف بمواقفها في الحق، وبتمسكها بأحكام الإسلام ومفاهيمه السياسية.
ولا يمكن تَقبل نهج المقايضة السياسية من خلال تمرير هذه الجريمة مقابل الحصول على مصالح اقتصادية ومالية، فالأحكام الشرعية الراسخة فوق المصالح النفعية، وليست عرضة للبيع في المحافل الدولية.
إن تجرؤ اليهود على قتل المسلمين علىأسطول الحرية، كان –ولا يزال- يوجب على الجيش التركي أن يحرك أسطوله البحري لخلع كيان يهود من جذوره والقضاء على شروره، لا أن يخطب الساسةُ ودّه، وأن يحولوا أرواح الضحايا إلى سلعة تستوجب التعويض المالي.
ثم إن فك الحصار الظالم على غزة، يتطلب نصرة غزة وفلسطين، للنيل من العدو الذي يريق دماء المسلمين ويحاصرهم دون أن يحسب حسابا للأنظمة –العلمانية والمتأسلمة-. ولكن بكل أسف فإن الجيش التركي استسهل التحرك نحو الموصل وأصر على البقاء هناك، لنصرة قوى الحرب على الإرهاب (وهي حرب أمريكية على الإسلام)، ولا يخطر بباله أن يقارن بين طول المسافتين: من اسطنبول للموصل وللقدس، وهو بذلك يشبه النظام السعودي الذي حرك طائراته لضرب المسلمين في اليمن فيما دعا عرّابوه للتطبيع مع كيان يهود، مما يؤكد أن الحكّام ليسوا من طبقة الأمة، ولا يحملون قناعاتها.