معبر رفح نموذج لقهر أهل فلسطين، وتناكف السلطتين، وخيانة حاكم مصر

بعد إغلاق معبر رفح من قبل حاكم مصر السيسي، لمدة 103 يوما قام بفتحه لمدة يومين،  ومن هؤلاء المسافرين من يحتاج للعلاج، ومنهم من يريد الدراسة وغير ذلك من مصالح الناس المعطلة ومعاناتهم وقهرهم في قطاع غزة، و حجة حاكم مصر في إغلاقه هو ضرورة تسليم معبر رفح لسلطة عباس، بدون أي تواجد لسلطة حماس وأفرادها عبر هذا المعبر، رغم وجود قوائم للممنوعين من السفر والدخول لمصر من أهل قطاع غزة بحجج مختلفة، وقد أثارت معاناة الناس على المعبر عددا كبيرا من التعليقات والوسوم في مواقع التواصل الاجتماعي، ونتناول هذه القضية من عدة زوايا:

لقد دأب حاكم مصر السيسي على فرض إغلاق معبر رفح منذ انقلابه الأخير، إضافة إلى إغراق الأنفاق بدعوى تهريبها للسلاح الموجه لكيان يهود، وبدعوى المصالحة الفلسطينية وضرورة تسليم المعبر لسلطة عباس، إضافة إلى فشله الذريع وربما المصطنع في القضاء على العمليات التي تشن في سيناء ضد قواته، والتي بسببها هدم وجرف أجزاء كبيرة من المناطق الحدودية وهجر أهلها، دون جدوى، علاوة على التنغيص على أهل غزة أثناء فتح المعبر بصورة رمزية، وتأخيرهم بحجج واهية مثل أعطال أجهزة الكمبيوتر وشبكة الاتصال في المعبر، وإرجاع عدد منهم لأسباب شتى.

 

ومن ثم كان فتحه بهذه الطريقة التي لا تسمن وتغني من جوعة السفر في القطاع المحاصر، لنكأ هذا الجرح غير المندمل، ولزيادة التبكيت على أهل قطاع غزة بإعلان فتحه إسميا وإغلاقه فعليا بل وتمنية كل من يريد السفر بالتوجه للمعبر والتدافع على اللحاق بالدور، ثم العودة بخيبة أمل كبيرة، وإلا فكيف يكون عدد المسجلين للسفر يتجاوز العشرين ألفا، بينما لا يعبر من هذا المعبر المذموم سوى 1526 مسافرا، وذلك بحسب إحصائية داخلية غزة.

بل وما يزيد الطين بلة هو التناكف ما بين فتح وحماس حول فتح المعبر وتسليمه وإدارته، فقبل أسابيع قليلة أعلن عزام الأحمد من حركة فتح عن وجود اتفاق مع مصر لفتح المعبر، بينما نفى زياد الظاظا من حماس وجود أي اتفاق حول الموضوع، بل وتم النفي من قبل نظام مصر، وما يفهم من ذلك أن تصريح الأحمد يهدف إلى استثارة الرأي العام المتطلع إلى فتح هذا المعبر، لتوظيف الأمر في إطار المناكفة مع حماس وتحميلها مسؤولية إغلاق المعبر، بينما تحترق أكباد أهل غزة ممن يريدون قضاء مصالحهم في انتظار عبور تلك البوابة المغلقة على قطاع غزة، وهو ما حصل بقدر كبير وملحوظ عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، على أثر ما يحدث في معبر رفح.

 

إن حماس التي ترى في معبر رفح أملا في كسر الحصار عليها ذات يوم، تتمسك بكل ما أوتيت من قوة بتواجدها على هذا المعبر أملا في الاعتراف السياسي بها، وهو ما بدا جليا من تصرفها خلال السنوات الماضية، بل لقد كان أعلى ما يطلبه رئيس وزرائها إسماعيل هنية بعيد ساعات من اغتيال قائد الجهاز العسكري لحماس أحمد الجعبري هو المطالبة بفتح معبر رفح!، بدلا من الدعوة لتحريك جيوش الأمة لقلع كيان يهود، فغزة ليست هي كل فلسطين وفلسطين لا تختزل في غزة.

علاوة على ما تبديه حماس من تخوفات حول أن تسليمها للمعبر لقوات عباس سيكون مقدمة لتسليم أمور أخرى وفرض سيطرة قوات عباس شيئا فشيئا على قطاع غزة والمسيطر عليه في النهاية والبداية من قبل كيان يهود.

وهل حقا تحرص سلطة رام الله على أهل غزة ومعاناتهم ؟ أم أنها تسهر الليل على حماية أمن كيان يهود بكل إخلاص، وتعمل على فرض نفسها والمناكفة مع سلطة حماس في كل قضية، بل وكانت آخر صور مناكفاتها هو إعادة  فرض ضريبة "البلو" على وقود محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، مناكفة منها لسلطة حماس ولو على حساب أذية أهل قطاع غزة وفي ذروة فصل الشتاء والحاجة فيه إلى الكهرباء وخاصة للتدفئة

بل أنه ليس من قبيل المصادفة المتكررة، أن يتم الإعلان من قبل أجهزة السلطة عن استخراج تصاريح سفر لطلبة قطاع غزة للسفر عبر معبر بيت حانون مرورا بحواجز الاحتلال، كلما تم إغلاق المعبر، فمثل هذا الأمر قد يتعدى مسألة تأمين سفر الطلاب إلى خلق واقع يراد تكريسه بأن السفر يجب أن يتم بموافقة جنود ومخابرات كيان يهود موافقة تامة.

إن هذه المناكفات التي لا طائل منها سوى زيادة الضنك المضروب على أهل قطاع غزة، وهي سيف مسلط عليهم، لا يقل عن الضنك المفروض من قبل كيان يهود على أهل فلسطين، فمن أجل ماذا كل هذه المناكفات؟ أهي لمسخ أهل فلسطين وترويضهم وجعل أقصى ما يتمنون هو رفع بعض من معاناتهم كي يبقوا محصورين بالتفكير في تأمين متطلبات حياتهم الأساسية فقط؟.

إن هذا الضغط والاستمرار في تنغيص حياة أهل غزة من قبل حاكم مصر السيسي وأجهزته الإعلامية خصوصا يهدف لكسر إرادة أهل فلسطين كما يحاول في مصر كسر إرادة أهلها، لا فرق بينه وبين كيان يهود، وإن على أهل مصر والمخلصين من ضباط جيشها العمل على قلع نظام الخيانة والعمالة للغرب ويهود من مصر والزحف لفلسطين وبيت المقدس لتطهيره من رجس كيان يهود واحتضان أهل فلسطين الصابرين المرابطين بعد نسف الحدود وتصحيح خطيئة الغرب المقسم لبلاد المسلمين والمفرق لهم بحدوده وعملائه.

 

6/12/2015