تعليق صحفي

من جرمهم وخيانتهم ساووا بين المرابط والمعتدي وكرّسوا الاحتلال!

 فإلى متى تصمت الأمة عن حكامها ومتى تنصر أقصاها؟!

يناقش مجلس الأمن الدولي مشروع بيان عربي قدمه الأردن حول التطورات الأخيرة التي يشهدها المسجد الأقصى ومحيطه، في وقت اعتبر فيه البرلمان الأوروبي التصعيد في الأماكن المقدسة أمرا غير مقبول. وينص مشروع البيان على دعوة مجلس الأمن جميع الأطراف إلى وقف كل التحريض وأعمال العنف، والاحترام التام للقانون الدولي.

لم يكن الأقصى يستأهل في نظر الحكام سوى قراراً من مجلس الأمن الذي شرّع احتلاله أول مرة، ولم يكن العدوان على الأقصى يشغل بالهم سوى لخشيتهم على عروشهم الهشة وخشيتهم من ثورة الأمة ضدهم، وإلا فهؤلاء نفرٌ والوا المحتل وتوطؤوا معه وفرّطوا في الأقصى وكل الأرض المباركة، ولا يحركهم أو يؤثر فيهم دين ولا قربى ولا جوار، ولو كان فيهم بقية من دين أو حياء لتحركوا قبل ذلك بكثير، ولكن طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون.

إن مشروع القرار العربي الذي قدّمه الأردن لمجلس الأمن لا يعُدّ نصرة للأقصى بل هو جريمة تضاف لجرائم الحكام وأنظمتهم العميلة، فهو قرار يدعو "جميع الأطراف" لوقف التحريض وأعمال العنف! قرارٌ يساوي بين فرد أعزل يدافع عن الأقصى بصدره العاري وبين جيش معتدٍ يدنس الأرض والعرض والمقدسات! بل هو قرار يجرّم الدفاع عن المسجد بوصفه بالعنف، فأية نصرة للأقصى هذه؟! بل هي التآمر والجريمة بعينها.

ثم إن قرارهم هذا يدعو إلى الحفاظ على الوضع القائم بدل أن يفكر مجموعة العجزة هؤلاء بتخليص الأقصى من أسره وتحريره وتطهيره من رجس يهود، فهؤلاء يرسخون الاحتلال بقرارهم كما رسخوه في مبادرتهم العربية المشؤومة.

فأي حكام وأي عجزة هؤلاء؟! هل هذا كل ما في جعبتهم؟! ألا يملكون الجيوش والعتاد؟! أين طائراتهم النفاثة ودباباتهم الهادرة وحجافلهم الهدّارة؟! أم هم "أسد علي وفي الحروب نعامة"؟!

يتحدثون عن الأقصى حديث النساء القواعد، لا والله فعذرا للحرائر، فقد دافعن عن مسرى نبيهن ورابطن فيه، أما هؤلاء فقد ازدادوا تآمراً عليه بعد أن ضيّعوه أكثر من مرة، فخابوا وخسروا وطاش سهمهم.

إن ما يقلق هؤلاء الحكام ليس العدوان على الأقصى بوصفه مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا خشية تقسيمه فعلياً أو منع الصلاة فيه، بل ما يقلقهم هو ثورة الأمة ضدهم وإحراجهم وانكشاف خيانتهم وتواطؤهم أمام شعوبهم، وهم في كل مرة يؤكدون ذلك بعبارات مختلفة، فهم يخشون من "اندلاع أعمال عنف في منطقة الشرق الأوسط" ومن "جر المنطقة لحرب دينية" وغير ذلك من العبارات، وكأن ما يفعله يهود منذ أكثر من ستين عاماً ليس عنفاً أو حرباً دينية فعلية؟!

إن الأقصى يستصرخ جيوش الأمة، أحفاد الفاروق وصلاح الدين، ولا يستصرخ حكاماً أتباعاً فرّطوا فيه ووالوا محتليه وتآمروا عليه، وإن تحريره وتخليصه شرف ومكانة عظيمة لا ينالها من مرد على العمالة والنفاق وترعرع في حدائق واشنطن وحانات لندن وشوارع باريس، بل ينالها عباد لله مخلصون انضوا تحت راية التوحيد وتطلعت أبصارهم للصلاة في مسرى نبيهم ولتحقيق بشرى رسول الله بقتال يهود وقتلهم وتحرير الأرض المباركة، وإن ذلك كائن قريباً بإذن الله في ظل خلافة على منهاج النبوة، وإلى أن يتحقق ذلك على الأمة أن تستمر في ثورتها.