تعليق صحفي

أمريكا ويهود... كلٌ يريد تصفية قضية فلسطين وفق رؤيته

الجزيرة نت - عبر البيت الأبيض عن قلقه بشأن مواقف رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الفائز بالانتخابات، بينما طالبته فرنسا "بالتحلي بالمسؤولية"، وقالت الأمم المتحدة إنها تنتظر عودة "إسرائيل" إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين للوصول إلى حل الدولتين.

جاء ذلك عقب الإعلان عن النتائج شبه النهائية لانتخابات الكنيست "الإسرائيلي" التي تمخضت عن فوز حزب الليكود بقيادة نتنياهو، والذي كان صرح أثناء حملته الانتخابية بتخليه عن حل الدولتين، وأنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية طالما بقي رئيسا للوزراء.

الشيء الأكيد والذي لا يجادل فيه مؤمن أو عاقل أنّ الغرب بقيادة أمريكا، ومنه فرنسا والأمم المتحدة، لا يريد خيرا للمسلمين ولا لفلسطين، فهم من قال الله سبحانه وتعالى فيهم: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾، وهذه حقيقة لا يصح أن تغيب عن ذهن مؤمن أبدا.

وأحد معاني هذه الحقيقة الراسخة أن يتم التفكير بكل ما يريده الغرب تجاه قضايانا على أساس معرفة المكر الذي يدبره لنا الغرب ويكيده لنا، وأنّ ما يحرص الغرب على تحقيقه إنما هو الشر لنا. وهذا ما يتجلى في قضية فلسطين بشكل واضح، فالغرب بقيادة أمريكا ومنذ منتصف القرن الماضي وهي تسعى لتصفية قضية فلسطين على أساس حل الدولتين والسلام الذي يعني ضياع فلسطين وضمان بقاء الخنجر المسموم في خاصرة الأمة ليعيق شفاءها ويؤخر نهضتها، حتى إذا قامت خلافتها كان ذلك الخنجر رأس حربة الغرب ونقطة متقدمة في الدفاع عن مصالحه.

والغرب بدهائه وخبرته الطويلة بالسياسة يدرك أنّ تحقيق ذلك يتطلب "تنازلات" قليلة عن بعض ما اكتسبوه بالقوة، تنازلات عن فتات يلقيه إلى سلطة هزيلة في مقابل احتفاظ يهود والغرب بمكامن القوة والسيطرة في فلسطين، وهذا ما لا يروق للولد المدلل، حديث العهد بالسياسة "كيان يهود" الذي غره دعم الغرب له وسكوت حكام المسلمين فظن في نفسه القوة والقدرة على البقاء دونما تنازل أو تقديم شيء.

وهذا أيضا يجسد حقيقية قرآنية عن يهود ماثلة في قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾، فالرغبة في أخذ كل شيء وعدم إعطاء شيء هو ما يملأ نفوس يهود، وهو ما يقود نتنياهو وغيره من أحزاب اليمين إلى التمسك بكل شيء حتى وإن كان التنازل عن بعضه سيحقق لهم مكسبا استراتيجيا كبيرا، ولكنه الطمع والجشع الذي ملأ قلوبهم، والاغترار بالحال في ظل تقاعس الحكام المخزي عن تحرير فلسطين، وفي الوقت نفسه الخوف الذي يغمر قلوبهم من المستقبل الذي يرونه قريبا في المواجهة المحتومة مع الإسلام.

هي معادلة بسيطة، غرب لئيم حاقد يرى في السلام وحل الدولتين تمكينا وتثبيتا لكيان يهود كقاعدة متقدمة له في العالم الإسلامي، وقادة يهود قصيرو النظر حديثو العهد بالسياسة، خائفون من مستقبل يرونه محتوما، مع طمع وجشع كسجيّةٍ من سجاياهم، ولذلك يطفو على السطح هذا الخلاف وتلك المناكفات الناعمة بين هؤلاء وهؤلاء، في ظل اتفاق الطرفين على أنّ مصلحتهم بالنهاية مشتركة ويلتقون على عداء الأمة قلبا وقالبا، وفي مقابل ذلك سلطة فلسطينية وحكام عملاء يرحبون بكل تصفية لقضية فلسطين، ومستعدون لكل تفريط أو تنازل أو تطبيع يأتيهم من أسيادهم في الغرب.

والحاضر الغائب هي جيوش المسلمين، التي أوجب الله عليها الجهاد لتحرير فلسطين، والتي هي السبيل لحسم المواجهة وفرض الحل الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى لفلسطين مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما يوجب على الأمة أن تسعى بكل ما أوتيت من قوة لخلع حكام الضرار وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تحرك الجيوش فتحرر فلسطين وكامل بلاد المسلمين المحتلة.

﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾

20/3/2015