تعليق صحفي
انتبهوا أيها المنخدعون بالديمقراطية الرأسمالية: إنها تجعل الجباية فوق الرعاية
حكمت محكمة أمريكية في ولاية بنسلفانيا على أرملة عجوز ببيع بيتها بسبب فاتورة بقيمة بضعة دولارات لم يتم دفعها كاستحقاقات ضريبية، كما أورد موقع ياهو بالإنجليزية بتاريخ 28/4/2014. وجاء عنوان الخبر لافتا بأن قواعد القضاء تسمح ببيع بيت أرملة بسبب فاتورة بقيمة ستة دولارات OK to sell widow's home)over $6 bill, judge rules). وتلقت الأرملة إشعارا بذلك القرار القضائي قضى ببيع بيتها بمزاد علني، وأفاد الخبر أن الأرملة قد سددت كل شيء ولم تعلم عن ذلك المبلغ التافه.
لا شك أن وقع هذا الخبر أشبه بالخيال الذي لا يكاد يصدقه عقل. وهذا الخبر الصادم يفضح النظام الديمقراطي الرأسمالي ويعريّه من زاويتين: زاوية رعاية الناس وزاوية دعوى حقوق المرأة الغربية.
ففي الوقت الذي يكشف الخبر عوار الأنظمة الرأسمالية التي يُجيز فيها القضاء بيع بيت أرملة لعدم تسديد فاتورة من بضعة دولارات، ويحرمها من حق السكن فيه، نجد أن الإسلام قد قرر أحكاما شرعية ترعى الإنسان رعاية تامة، فجعل الدولة مسئولة عن تلبية الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية (مسلم أو غير مسلم) بما يتضمن المسكن والمأكل والملبس، إضافة لما تستطيعه الدولة من كماليات، كما نص صراحة مشروع دستور دولة الخلافة الذي أعده حزب التحرير.
وقد قرر الإسلام تشريعات اقتصادية تمكّن الدولة من تلبية تلك المتطلبات، بل وتمكّن الفرد مباشرة من تحقيق تلك المتطلبات قبل أن تؤمنها له الدولة، فقرر الإسلام وجوب توزيع "الملكية العامة" (التي تفرّد بها النظام الاقتصادي الإسلامي عن غيره من الأنظمة) على عامة المسلمين، يتنعمون في خيرات الأرض، وما يستخرج من باطنها من كنوز ومعادن ثمينة، مما يمكّن الأفراد من الحصول على حاجياتهم الأساسية وكثير من الكماليات بما يعود عليهم من ريع تلك الملكيات مثل البترول والمعادن كالذهب. أما الديمقراطية الرأسمالية فقد خصصت خيرات الأرض وجعلت ملكياتها محصورة بأيدي شركات عابرة للحدود والقارات، فزادت من تمركز الثروة بأيدي القلة، وحرمت الكثرة من حقها في تلك الثروات الطبيعية.
وهذا الخبر يفضح دعاوى المخدوعين - أو المخادعين - من بعض الجمعيات النسوية في بلاد المسلمين، ممن يجاهرون بالمطالبة بحزمة حقوق المرأة الغربية: أهكذا نظام - يقرر هذه الفضيحة القضائية - يمكن أن يكون قدوة لنساء العالم للمطالبة بالحقوق على أساسه؟ ما لكم كيف تحكمون؟
فبدل أن يكون القضاء مسئولا على حماية حق المرأة في المسكن - حتى لو لم تكن تملك مسكنا - فإنه يحرمها من حقها في الحفاظ على مسكنها لأتفه الأسباب وبسبب فاتورة لا تتجاوز بضعة دولارات.
شتان بين نظام الرعاية في الإسلام الرباني الذي جعل مسألة الاقتصاد في توزيع الثروة على الناس بالعدل وبين أنظمة الجباية في الديمقراطية الوضعية التي تجعل الحقوق للأقوياء والمشرّعين وتهرس الطبقات المحرومة في دوامة تلك التشريعات الباطلة والمضللة!
﴿إِنَّ هَذَاالْقُرْآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَم﴾