تعليق صحفي
مجلس القضاء الأعلى يخطب ود السلطة والجمعيات النسوية بفتاويه السلطانية!
أكد مجلس القضاء الأعلى في اجتماعه على أن "جريمة القتل بدافع الشرف" تخالف الشريعة، واعتبر أن في ذلك "تمييزاً بين الرجل والمرأة"، وأن صيانة الشرف "لا تكون بهذه الطريقة البدائية"، وأن "أن الحدود تنفيذها مناط بولي الأمر أو الدولة المسلمة"، ودعا المجلس "إلى ضرورة العمل على تعديل قانون العقوبات الفلسطيني بالخصوص المذكور"، ودعا "خطباء المساجد إلى ضرورة العمل على توعية المواطنين حول هذه الجريمة"، ورأى أن الحل "في علاج الوقوع في الفواحش وتدنيس العرض والشرف يكون بتربية أبنائنا وبناتنا التربية الصحيحة السليمة".
بعيداً عن الخوض في التفصيلات الفقهية لهذه الفتوى أو الرأي الذي أصدره مجلس القضاء الأعلى، والذي خلط فيه –بعلم أو بدون علم- بين مسألة إقامة الحدود –التي لم يطالب المجلس بتطبيقها- وبين دفاع المرء عن عرضه بل وبذله نفسه رخيصة في سبيل ذلك مصداقا لقول الرسول الأكرم "من مات دون أهله فهو شهيد"، بعيداً عن ذلك كله، فإن هذا الرأي الذي أصدره المجلس رأي مصبوغ بالصبغة السلطانية الواضحة التي تنسجم وتتوافق مع الحملة على المرأة المسلمة التي تقودها الدول الغربية ممثلة بأدواتها المحلية من الجمعيات النسوية والسلطة.
ولو كان رأي مجلس القضاء الأعلى هذا صدعاً بالحق لكان جرّم تنظيم مسابقات ملكة الجمال وعروض الأزياء ومباريات كرة القدم النسائية والحفلات الموسيقية الماجنة ومهرجانات الرقص المختلط، وكل مخالفة تؤدي لشيوع المنكرات بين أهل فلسطين، ولكان طالب بإيقاع أقسى العقوبات بحق القائمين على هذه الجرائم التي تحرف الناس عن فطرتهم السليمة وتنشر الفاحشة والرذيلة وتوجد الأجواء الخصبة للفواحش والمنكرات ومعصية الله، من المتنفذين ومسؤولي السلطة، ولكان حرّض أئمة المساجد على بيان حرمة هذه الأفعال وفتكها بجيل الشباب.
لكن يبدو أن مجلس القضاء الأعلى برأيه هذا يخطب ود السلطة التي لا تقيم شأناً في تصرفاتها للأحكام الشرعية فيوفر لها الغطاء "الشرعي" لكل ما تخطط له بحق النساء، كما يخطب المجلس ود الجمعيات النسوية، فيقول بمساواة الرجل بالمرأة ويطالب بتعديل قانون العقوبات دون أن يبين طبيعة هذا التعديل أهو مطالبة بتطبيق الحدود الشرعية أم هو التعديل الذي تجعجع به الجمعيات النسوية والذي يشرّع الانحلال والرذيلة ويكرس القانون للدفاع عنه تحت ستار الحريات!.
إن إفساد المرأة وتهيئة التربة لأجواء الفواحش والمنكرات ليس عملاً فرديا –حتى يكون الحل مقتصراً على تربية الأبناء كما نص المجلس- بل هو سياسة ممنهجة ترعاها السلطة وتغذّيها الجمعيات النسوية الممولة غربياً، والتي جعلت من تدنيس الشرف ونزع ثوب العفة عن المرأة المسلمة وهدم مفاهيم الإسلام هدفاً أعلى لها.
لقد كان الواجب على مجلس القضاء الأعلى أن يصدّع بالحق فيعالج المرض ويبين الحكم الشرعي فيه بدل أن يصبّ تركيزه على العرض فقط، وأن يقول بالحق لا يخشى في الله لومة لائم واضعاً نصب عينيه قول الرسول الأكرم "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"، لا أن يجامل السياسات التخريبية الداعية للمفاهيم الغربية.
لكن ذلك ديدن العلماء الربانيين لا العلماء السلطانيين، ويبدو واضحاً مع أي فئة يصنف مجلس القضاء الأعلى!.
ونذكر مجلس القضاء الأعلى بقوله تعالى: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) فهل من مدّكر؟
24-9-2013