الرجال يقلبون الطاولة على رأس أمريكا وربيبتها ولا يستمرون بنهج الاستجداء ... فأين هم ؟
التفاصيل
تابعت وسائل الإعلام التحركات الأمريكية الأخيرة فيما يتعلق بمحاولات تحريك ملف المفاوضات حول القضية الفلسطينية، ولقاءات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مع رئيس السلطة الفلسطينية وقادة كيان يهود يوم أمس السبت، واليوم. وفي موقف اعتبره الإعلام تحولا أميركيا عن المواقف السابقة المعلنة بشأن المستوطنات، اعتبرت كلينتون "تنازلات إسرائيل غير مسبوقة"، وقالت "إن تجميد الاستيطان كان دائما من القضايا التي يتم التفاوض عليها"، وليس شرطا لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين (الجزيرة نت)، وجاء ذلك بعد تأكيد رئيس السلطة الفلسطينية، أنه لن يستأنف المفاوضات قبل وقف الاستيطان، وذلك بعيد لقائه بكلينتون (الجزيرة نت). وإزاء ذلك نقول:
لا يخفى أن أمريكا تحاول أن تصنع حراكا سياسيا حول قضية فلسطين، ولو شكليا، يحول دون تدخل أطراف غيرها في القضية ويمنع تدهور الأوضاع، كي تتفرغ لملفاتها ذات الأولوية: الأزمة الاقتصادية، وأفغانستان، والعراق، وباكستان. ولقاءات كلينتون هذه هي لقاءات استكشافية، كما يقول مسئول في الخارجية الأمريكية (رويترز) تهدف إلى الاطلاع على الموقف الواقعي لكل طرف. وبالطبع فإن المقصود هو موقف يهود، لأن موقف السلطة الفلسطينية مرهون بالإرادة الأمريكية. وهي تأتي "في وقت عبّر فيه مسئولون أميركيون عن تشاؤمهم إزاء فرص تحقيق اختراق في عملية السلام المتجمدة حاليا بين الفلسطينيين وإسرائيل" (الجزيرة نت)، فيما يصر كيان يهود على عنجهيته ووحشيته، ويشجعه الصمت الأمريكي على مزيد من التحدي.
وهنا تتعاظم الأسئلة أمام القادة والسياسيين الذين رهنوا حياتهم السياسية بمشروع السلطة الفلسطينية الفاشل، ما العمل أمام هذا التحدي اليهودي ؟ وأمام تلك الرعاية الأمريكية اللحوحة لهذه العنجهية اليهودية، التي لا تحفظ ماء الوجه لهؤلاء القادة الذين يسهرون على مصالح الاحتلال وراعيه الأمريكي، بعدما سخّروا أنفسهم لمشروع أمن الاحتلال واعتبروا خارطة الطريق سقفا لا يمكن لبصرهم أن يتجاوزه ؟
إن العمل المطلوب -اليوم وأمس وغدا- هو موقف عز لا يمكن لساسة الذل أن تقوم به. وهو صرخة حق في وجه الكافر المستعمر بلونه اليهودي والأمريكي، فتقلب طاولة المفاوضات على رؤوسهم، وتوقظ الجيوش الرابضة في ثكناتها، وتحررها من هيمنة الحكام الذين يتآمرون على القضية وعلى الأمة في كل حركة من حركاتهم. وفي هبتها الجهادية، وحينها ستلقن تلك الجيوش ساسة اليهود معنى الإباء ومعنى العزة.
وإن القادة الذين في صدروهم بقية من نخوة الرجال وعنفوان الثوار لا يمكن أن يستمروا في الانحناء والاستخذاء أمام نتنياهو وليبرمان وأمثالهما. وإن القادة الذين يدّعون أنهم يحملون هم البلاد والعباد لا يمكن أن يقبلوا بهذا الذل وهذا الهوان الذي تقودهم إليه أمريكا.
فأين الرجال الرجال؟ وأين مواقف الشرفاء في كافة الفصائل الفلسطينية من هبة عزة تعيد الأمور إلى نصابها، وتعيد تعريف العلاقة مع الاحتلال، كحالة حرب اجتثاث، وتعيد القضية الفلسطينية إلى حضن الأمة من جديد.