تعليق صحفي
دعوة إلى مقاطعة اقتصادية في ظل حقائق وأرقام مخزية جلبتها السلطة لنفسها بمحض اختيارها
أثار تصريح رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض قبل أيام والذي هدد من خلاله بمقاطعة كافة البضائع "الإسرائيلية"، سخرية المراقبين والجانب "الإسرائيلي"، حيث كتبت عميرة هس يوم أمس الثلاثاء في صحيفة "هأرتس" مقالة تسخر فيها من هذه المقاطعة واصفة إياها بمقاطعة بدون أسنان، وأنها لن تكون فاعلة. واستندت هس في رأيها إلى حقائق وأرقام بحسب معطيات بنك "إسرائيل" أهمها أنّه يصل مناطق السلطة الفلسطينية 70% من احتياجاتها من "إسرائيل"، وفي عام 2011 وصلت قيمة البضائع المقدمة من "إسرائيل" 2,939 مليار دولار. كذلك فإنّ ما يقارب 38% من البضائع تأتي من الخارج وعن طريق شركات "إسرائيلية"، وكذلك فإن الصادرات الفلسطينية بحسب هس بلغت 720 مليون دولار عام 2011، من ضمنها 618 مليون دولار صادرات إلى "إسرائيل"، و39 مليون دولار إلى الأردن وفقط 15 مليون دولار إلى الدول الأوروبية.
وأضافت هس متسائلة "فهل أخذ سلام فياض في عين الاعتبار الرد الإسرائيلي الذي يسيطر على المعابر وعلى المياه وعلى مساحة 62% من الضفة الغربية".
إزاء هذه الحقائق المخزية ماذا عسى فياض يقول للرد عليها!! بعيدا عن الجعجعات الكلامية والخطب الاستهلاكية، هل يملك فياض ما يرد به على هذه الأرقام والمعطيات الفاضحة لحقيقة السلطة؟!، أليس واقع السلطة الاقتصادي هو ثمرة للاتفاقيات التي أبرمتها مع يهود؟! فهل يستطيع فياض وحكومته وأزلام السلطة أن يغيروا من هذا الواقع المذل؟!
هذه هي حقيقة السلطة التي يفخر بها أزلامها ويسوقونها على أنّها إنجاز وطني وعمل عظيم، فهي بلدية تابعة "لتل أبيب"، لا تقوى على شيء من أفعال الدول أو الممالك، وهذا الأمر لم تكن منظمة التحرير ولا السلطة مجبورتين عليه، فالاحتلال هو الذي جاء بالقوة وفرض نفسه، ولكن الاتفاقيات والتنازلات جاءت بمحض إرادة المنظمة ورجالها ومن تبعهم بعدها بسوء.
فهذا ما أوصلت السلطة نفسها إليه، ذل وتبعية وفقر، وفي بطن الحوت "الإسرائيلي" ترجو رحمته وشفقته. ثم تأتي السلطة وأزلامها ليحكوا انتفاخا خطابات الزعماء والقادة ورجال الدولة، مع أنّ الأرقام والحقائق على أرض الواقع تنطق بحقيقة التبعية والعمالة وتقديم الخدمات الأمنية والتنسيقية ليهود، حتى في ظل قمة الإذلال الذي يمارسه يهود تجاهها، فقد أكد مصدر أمني "إسرائيلي" لموقع "يديعوت احرونوت" استمرار الحوار الأمني بين الطرفين رغم التوتر وتغير الأجواء، لا زال الحديث الأمني الميداني بين جميع الأطراف ذات العلاقة بما في ذلك تنسيق العمليات ونقل الرسائل مستمرا.
لو كان الأمر يتعلق بالسلطة وأجهزتها لقلنا على نفسها جنت براقش، لكن الكارثة أنّ السلطة تتصرف وتتحدث باسم أهل فلسطين، وعواقب تصرفاتها تعود بكوارث على أهل فلسطين، وتأخذ بقضية فلسطين نحو الهاوية، وهذا ما يوجب علينا وعلى أهل فلسطين الأشراف أن يقفوا سدا منيعا أمام اتفاقيات ومعاهدات التفريط والتضييع، وأن يرتفع الصوت عاليا في وجه السلطة أن كفوا أيديكم عن قضية فلسطين فهي ليست لكم ولا أنتم أهل لها.
19/12/2012