تعليق صحفي
التعلق بحبال البنك الدولي خزي وخسران، والأمة قاب قوسين من استرداد فلسطين
تراجعت تقديرات البنك الدولي الواردة في تقريره الجديد الصادر "الأربعاء" الى اعتبار السلطة واقتصادها غير جاهزة للتحول الى دولة وذلك لعدم استقرار الاقتصاد الفلسطيني واعتماد السلطة اكثر مما يجب على المساعدات الأجنبية.
خطط تقشف، شدٌ للأحزمة على البطون، نقصٌ في الأدوية والتحويلات الطبية، ارتفاع للضرائب كماً ونوعاً، وقف التعيينات لا سيما في قطاعي التعليم والصحة، شح في الرواتب، كل ذلك وغيره هي سمة السنين العجاف التي جلبتها السلطة على أهل فلسطين، والتي كانت تبرر ذلك دوماً بضرورة "التضحية" لإقامة الدولة الفلسطينية "العتيدة"!، فإذا بها تكلل بالفشل بل لم تجلب سوى المصائب والنكبات.
فبعد أن تغنى فياض بشهادة حسن السير والسلوك التي قدّمها البنك الدولي للسلطة العام الماضي، وأخذ يضلل الناس زاعماً دنو "الاحتفال بإقامة الدولة الفلسطينية"!، ها هو البنك الدولي -الذي انساق له فياض ولخطط الدول الكبرى صاحبة اليد العليا فيه- ينكص على عقبيه ويصفع فياض وسلطته بتقريره هذا.
إنه مما لا شك فيه أن الحديث عن إقامة الدول لا يمكن أن يكون عبر البنك الدولي أو الأمم المتحدة أو خطط تنموية أو بناء مبانٍ وإنشاء مؤسسات خدماتية وتعبيد الطرقات، فالدولة ليست بلدية أو مؤسسة مالية بل هي كيان سيادي تنفيذي يرعى شؤون وفق مفاهيمهم ومقاييسهم وقناعاتهم عن الحياة، ولا يمكن الحديث عن إقامة دولة مهما كان شكلها إذا كانت خاضعةً تحت الاحتلال، فمن أسس إنشاء الدول الحقيقية أن تكون صاحبة سيادة لا تابعة، فالدول الحقيقية لا تقام بالمنح أو التسول. وأما حديث السلطة عن إقامة الدولة ووضعها "للخطط" لتحقيق ذلك فهو يكشف عن سخافة "السياسيين" الفلسطينيين أو إدراكهم لحقيقة الدور الأمني الذي أوكل لكيان السلطة مما يجعل الدولة التي يتحدثون عنها وكالة أمنية يمكن أن تنشأ تحت الاحتلال بل لحمايته.
إن مشروع الدولة الفلسطينية خرج من رحم الخطط الاستعمارية الأمريكية، إضفاءً للشرعية على احتلال يهود لجل فلسطين، وكياناً أمنياً يقدم الخدمات الأمنية لهم ويحجز العالم الإسلامي عنهم بل يكون جسراً للتطبيع والترويج لهذا الكيان الغاصب، وإن الحديث المجتر بتسمية هذا المشروع بالمشروع الوطني هو محض تضليل، ويدرك قادة السلطة قبل غيرهم حقيقة الدولة المرسومة لهم والمهام الموكولة لها. ولعل في تصريحات عباس السابقة التي قال فيها "اعطونا دولة وسنضمن لكم أمنا لم تروه في حياتكم، وسنقوم بكل ما يلزم" خير دليل على ذلك.
وإزاء ذلك كله، كان جديراً بأهل فلسطين أن ينفضوا عن المشاريع الغربية الاستعمارية عموماً ومشروع الدولة الفلسطينية على وجه الخصوص، وأن يعيدوا قضية فلسطين لعمقها الإسلامي وللأمة الإسلامية المتحفزة والتي باتت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك زمام أمرها، ليأخذ المسلمون على عاتقهم تحرير هذه الأرض المباركة واقتلاع كيان يهود، ويعيدوا القدس وفلسطين لحياض المسلمين ويرفعوا راية العقاب فوق ربوعها، فيدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، فيعلوا فيه صوت الحق ويصدح فيه الأذان ويُقطع دابر القوم الذين ظلموا.
وإن غداً لناظره قريب.
27-7-2012