تعليق صحفي
الرأسمالية تحيل البشر إلى وحوش، فإلى متى تبقى تتحكم بالعالم؟!
لا تكاد تمر دقيقة أو ساعة من نهار حتى يخرج علينا أرباب الحضارة الرأسمالية أو المضبوعون بها يروجون لتلك الحضارة، زاعمين حفظها لحقوق الإنسان وكفالتها لكرامته وحريته، لكن الحقائق والوقائع أصدق إنباءً من المروجين المضللين الذين امتهنوا التزوير وتضليل الرأي العام عبر تسخيرهم لوسائل الإعلام.
وفي سياق تلك الوقائع مما جلبته الحضارة الرأسمالية على البشر، ما كُشف عنه مؤخراً من فيديو في الصين –التي غزتها الرأسمالية من أوسع أبوابها- يظهر فيه سائق يدهس طفلة في ربيعها الثاني دون أن يكترث لها وتتبعه سيارة أخرى فتدهسها مرة أخرى ويمر المارة وراكبو الدراجات بجوار الطفلة الصريعة في حي ضيق دون أن يلقوا لها بالاً وكأنها القمامة أو دمية لا قيمة لها أو حيواناً عابراً داسته سيارة!، وفي دليل صريح على وقوف النظرة الرأسمالية خلف ذلك التصرف المشين يقول السائق مبرراً ترك الطفلة تموت (“إن توفيت الطفلة قد أدفع فقط ثلاثة آلاف دولار، ولكن إن كانت مصابة فسيكلفني ذلك مئات الآلاف من العملة المحلية"!!!.
تلكم هي ثمار الرأسمالية وهيمنة النفعية على الأفراد والأنظمة، تُفقد الإنسان أدنى قيمه الإنسانية والخلقية وتحيله إلى حيوان كاسر بلا أدنى قيم كوحوش البرية بل أشد.
إن الرأسمالية –التي "يبشر!" بها المضللون في بلاد المسلمين- هي من أنتجت تلك الأمثلة القاسية اللاأخلاقية، وإن الحوادث التي يشهدها العالم جراء هذه الحضارة على مستوى الأفراد وعلى مستوى الشعوب عصية على الحصر، من مجاعات الصومال التي اتخذتها الدول الاستعمارية الكبرى مسرحاً تتصارع فيه على خيرات ذلك البلد، إلى الأزمات المالية التي أورثت شعوب العالم الفقر والضيق والتشرد وحافظت على أرصدة وثروات حيتان المال، إلى الحروب المستعرة في كافة أنحاء العالم واحتلال البلدان وقتل الملايين في سبيل مصالحها المادية كما فعلت الدول الرأسمالية في العراق وأفغانستان، ومن قبل في روندا وبروندي وغيرها الكثير.
إن حضارة تقتل دولُها أكثرَ من 100 مليون إنسان من شعوبها وشعوب العالم في حربين عالميتين وتستخدم الأسلحة الفتاكة من قنابل نووية وغيرها لتفتك بالبشر في سبيل هيمنتها على العالم لتجعله مزرعة لها وتنهب خيراته لصالح الرأسماليين الجشعين الذين لا يعدون 2% من السكان، غير جديرة بقيادة ركب الإنسانية بل الواجب على العالم بجميع شعوبه أن يتحرك ليجهز على هذه الرأسمالية العفنة وأن يلقي بها إلى مزابل التاريخ.
إن البديل الحضاري لهذه الرأسمالية هو الإسلام ولا بديل سواه، بديلاً يضمن العيش الكريم للإنسان مهما كان لونه أو جنسه، بديلاً أصيلاً عمّ خيره العالم طوال 1400 عاماً أشرقت به الكرة الأرضية، وكانت دولته (الخلافة) ملاذا للخائفين ومحل استنجاد من الضعفاء والمأسورين حتى من ملوك الغرب كما استنجدت فرنسا بالسلطان سليمان القانوني لينقذ ملكها المأسور.
ذاك هو البديل الحضاري للعالم الذي يخرج العباد من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وإن تحققه في أرض الواقع بات قريباً بإذن الله وبشائره تلوح في الأفق.
18-10-2011م