تعليق صحفي
مواقف أمريكا والدول الغربية لا تنفك عن أطماعها الاستعمارية!!
نشرت مجلة "تايم" الأميركية الأربعاء على موقعها على الانترنت تقريراً استند معظمه إلى مقابلة مع السفير الأميركي في دمشق. ويرى السفير، حسب ما ورد في التقرير، أن الصراع الحالي في سوريا بين نظام بشار الأسد ومعارضيه هو صراع سوري يحتاج الى حلول سورية. ويقول إن الأميركيين أبلغوا المعارضة السورية بأن لا تتوقع تدخلاً غربياً في سوريا على غرار التدخل في ليبيا.
إن سلوك الدول الغربية، والإدارة الأمريكية على وجه الخصوص، تجاه الثورات يؤكد الطبيعة الاستعمارية لتلك الدول وأن تصرفاتها لا تنفك عن الغايات والاهداف الاستعمارية لحظة واحدة.
فهل تحلت أمريكا الآن بثوب البراءة حتى يزعم سفيرها بأن الثورة السورية التي اسماها السفير بالصراع هي شان داخلي وأن على المعارضة أن لا تتوقع تدخلاً غربياً على غرار ليبيا؟! أليست أمريكا هي التي تحشر أنفها في كل شاردة وواردة في المنطقة؟ فهي التي تتحدث عن الانتخابات المصرية ووزيرة خارجيتها تحدد مدة حالة الطوارئ، ورئيس أركانها يوجه دفة المجلس العسكري، وهي التي تتدخل في اليمن ويجوب سفيرها هناك الساحات والأزقة، ولا تسمي ذلك تدخلاً؟! أليس تصريحات السفير الأمريكي هذه ومحاولاته المتكررة لشراء الذمم في جولاته الميدانية في مدن سوريا يعد تدخلاً مفضوحاً؟!
إن أمريكا، ومثلها الدول الغربية، تتدخل في كل تفصيلات الحكم في البلاد الإسلامية، فالحكام لا يتعدون كونهم نواطير، وأما تصريحات السفير الأمريكي هذه فهي تضليل للرأي العام وإعطاء النظام فرصة أخرى ليكمل مشواره في القتل والبطش عله أن يفلح في ثني الناس عن ثورتهم او النيل منهم، كما أن هذه التصريحات تعد دليلاً جديداً على مدى تخوف أمريكا من الثورة في سوريا وعدم امتلاكها للبدائل التي تسعى من خلالها إلى خداع أهل الشام أو تجميل النظام التابع لها.
إن تجربة القوى الاستعمارية وتجميلها للنظام في كل من تونس ومصر لم تنطلِ على المسلمين ولم تستطع خداعهم، فلا زال النار تحت الرماد، ولا زال الثائرون ينافحون عن ثوراتهم خشية أن تختطفها فلول الأنظمة البائدة مما يبشر بفشل تلك المساعي في سوريا. وجراء ذلك أصاب تلك القوى الذعر من الثورة في سوريا فأمدت النظام هناك بأسباب البقاء وهي تعطيه الفرصة تلو الأخرى لعجزها عن الإتيان ببدائل تكرس الهيمنة الغربية في الشام.
إن على الثائرين في بلدان "الربيع العربي"، في مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا ومن سيلحق بهم، أن يقطعوا كل وشيجة مع القوى الاستعمارية، وأن يحذروا من مخططاتها فهي تتربص بالمسلمين الدوائر، وأن يتقينوا بأن الحكام والأنظمة المستبدة الخانعة ما هي إلا انعكاس وظل لتلك القوى، وأن البطش والقمع الذي ينزله الحكام بالمسلمين هي بقرار من عواصم تلك القوى، فهم أعداء الأمة، فهل نلجأ إليهم أو نثق بهم؟
إنها رسالة لكل الثائرين أن لا تغمضوا أعينكم عن حقيقة هؤلاء المستعمرين فتلين قناتكم وتميلوا إليهم ولو ميلاً يسيراً مهما بلغ البطش والقمع الذي يصيبكم، أو ترون فيهم أهون الشرين، فهم الشر كله وهم الذين يقتلونكم بأيدي الحكام وأتباعهم، وأعلنوها واضحة بأنكم لن تقبلوا تدخل الكافرين المستعمرين لا عسكريا ولا سياسياً، وأنكم إنما تسعون لاقتلاع نفوذهم من بلاد المسلمين عبر انهاء الانظمة التابعة لهم، وبذلك وحده تحققون التغيير الحقيقي وتسلمون من الزلل وتستعيدون زمام أمركم وتعودون خير أمة أخرجت للناس، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ)
29-9-2011م