في تصريحات للاستهلاك الشعبي حاول الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن يبدو بصورة القارئ للواقع من غير أن يبدو أن قراءته هذه تنعكس على تصرفاته أو تصرفات الجامعة العربية.
وعن خيارات الجامعة العربية في ظل هذا "العشم" رأى موسى أن العرب ماضون في اتخاذ الخطوات والإجراءات للذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول علي اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية!.
والسؤال الذي يبقى يراوح مكانه، في ظل هذا التعنت اليهودي تجاه المنبطحين العرب لماذا تصر الجامعة العربية على اعتماد السلام والمفاوضات خياراً استراتيجيا لها؟ ولماذا تبقى تتمسك بما اصبح يعرف بالمبادرة العربية للسلام؟ ولا ترى الجامعة العربية "التحرير" في ظل ثورات الأمة خياراً متاحاً على أقل تقدير؟
إن هذا التناقض الواضح بين قراءة الواقع وبين السلوك الفعلي يؤكد أن الجامعة العربية والأنظمة الحاكمة في البلدان العربية لا تملك قرارها وأنها لا تخطو خطوة دون أوامر السيد الأمريكي والذي رأى موسى أن موقفه يختلف عن موقف كيان يهود!، ويؤكد حديث موسى ودعم لجنة المتابعة لتوجه السلطة نحو طلب الاعتراف "بالدولة" الفلسطينية من الأمم المتحدة أن هذه الجامعة وتلك الأنظمة لا ترى قضية فلسطين إلا بمنظار غربي ولا ترى الحلول والخيارات إلا خيارات الغرب ومشاريعه الاستعمارية.
إن الحكام العرب ومعهم جامعتهم المهترئة لم يأخذوا العبر من الثورات التي تجتاح البلدان العربية، فهم بدل أن يقلبوا الطاولة على كيان يهود، ويبطلوا اتفاقيات العار والتفريط، تراهم يشدون المئزر نحو التمسك بخيار المفاوضات ويقدمون النصائح -حرصاً على كيان يهود ومصالح الغرب- لسيدهم في واشنطن بأن الواقع ما عاد يحتمل تلاعب يهود وتعنتهم وأن الأمة يمكن أن تستلم زمام أمرها في كل لحظة فتحيل جهودهم لتركيز وحماية هذا الكيان طوال عقود ستة إلى سراب بقيعة.
إن جهود الحكام وخداعهم وتضليلهم للأمة بخصوص قضية فلسطين لم يفلح في نزع هذه القضية من سياقها، فقد أثبتت الثورات وما حصل في ذكرى النكبة أن جهود هؤلاء كانت هباءً منثوراً، وأن الأمة لم ولن تتخلى عن فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول الأكرم، وأن كل الجهود الرامية إلى تفويت الفرصة على الثورات ومحاولة استباقها ستذهب أدراج الرياح، وستعيد الأمة فلسطين كاملة موحدة قريبا بإذن الله إلى حضن البلاد الإسلامية وسيعلو فيها صوت الأذان وتكبيرات النصر وترتفع على مسجدها الأقصى راية العقاب.
تلك حقيقة باتت ترعب يهود ويتخوف منها الحكام في ظل هذه الثورات وستتحقق قريباً بإذن الله، ولن تحميهم بيوت القش التي يختبئون فيها من إعصار الأمة.