صحيفة القدس- تسعى حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما في سياق بحثها عن أفكار جديدة حول كيفية دفع عملية تسوية الصراع العربي "الإسرائيلي" التي وصلت إلى طريق مسدود، إلى الاستعانة بآراء خبراء من خارجها بعضهم احتل مناصب سياسية رفيعة في حكومات أميركية سابقة.
وفي هذا المجال نظمت ندوة خاصة في العام الماضي فيها فريق عمل يضم مستشاري سابقين للأمن القومي في البيت الأبيض هما ساندي بيرغر وستيفن هادلي، لتقديم توصيات بشأن عملية التسوية إلى مجلس الأمن القومي. كما عقدت ندوة ثانية في مركز "سابان" بإدارة مارتن إنديك شارك فيها مسؤول ملف إيران في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض دينيس روس ورئيس بعثة منظمة التحرير في واشنطن معن عريقات والسفير "الإسرائيلي" لدى الولايات المتحدة مايكل أورن وآخرون.
ونقلت الصحيفة عن السفير الأميركي السابق لدى "إسرائيل"، دانييل كيرتزر قوله إن "هناك 3 خيارات يمكن لحكومة أوباما اعتمادها.. يمكنها الحصول على مبادرة إسرائيلية، أو أخرى فلسطينية، أو يمكنها تطوير مبادرتها الخاصة". واشار إلى أنها لم تنجح في الخيارين الأولين ولم تحاول الثالث.
واشار كيرتزر إلى أن وجود فراغ في عملية التسوية من شأنه أن يجعل وضع المنطقة سيئا، وقال "عندما يكون الشرق الأوسط سيئا، ولبنان هو مؤشر على انه يسوء، لدى وجود فراغ في عملية السلام، يسوء الشرق الأوسط. وسيستفيد السيئون من ذلك".
****
إن هذا الخبر يحمل دلالات عدّة من أهمها:
1. أن أمريكا غير جادة في السير نحو ما يسمى بالتسوية، وانها جراء اصطدام مشاريعها مع وجهة النظر اليهودية لم تبذل جهداً يذكر للضغط أو محاولة الضغط على كيان يهود، بل حرفت مسار تفكيرها إلى البحث عن بدائل ربما تلقى قبول يهود في الوقت الراهن، مما يخيب آمال المراهنين على المساعي الأمريكية ويسقط في يدي السلطة والحكام العرب.
2. لقد تحولت الإدارة الأمريكية عن السعي لتنفيذ أجنداتها في منطقة الشرق الأوسط إلى الدراسة والبحث والنظر مما يؤكد القول بأنها قد جمّدت سياساتها تجاه المنطقة، وأن جل ما تتطلع إليه هو إلهاء الأطراف في الحديث عن بدائل لعملية السلام أو بدائل عن حل الدولتين، لتبقى الأطراف المتنازعة في أخذ وجذب حول الأطروحات الامريكية، ولتبقى في حالة انشغال بها وما ذلك إلا لمحاولة ملء الفراغ السياسي الذي خلفته الإدارة الأمريكية جراء انشغالها بملفاتها الأكثر سخونة.
3. إن اهتمام الإدارة الأمريكية بملء الفراغ السياسي في المنطقة هو خشية أن تؤول الأوضاع في بلاد المسلمين ومنها المنطقة العربية إلى اتجاه الأمة نحو مشروع الإسلام الحضاري الذي سيقتلع نفوذ المستعمرين من المنطقة الإسلامية بأسرها، وهو ما يتخوف منه كيرتزر وما حذرت منه كلينتون في خطاب سابق لها.
4. إن فشل المساعي الأمريكية يؤكد أن حل قضية فلسطين لن يكون يوماً عبر البوابة الأمريكية أو النافذة الأوروبية، ولن يكون عبر وضع قضايا الأمة في حضن المستعمرين مهما تخاذل المتخاذلون ومهما فرّط المفرطون، وإن حل قضية فلسطين لن يكون إلا بتحريرها عبر جيوش المسلمين والتي بات الأمل والرجاء فيها يتعاظم جراء حالة الغليان التي تعيشها المنطقة العربية، وساعتئذ لن ينفع السائرين في المشاريع الاستعمارية والمرتمين في أحضان الكافرين معذرتهم بل سيصيبهم الخزي والعار ولعذاب الآخرة أشد وأعظم.