يبدو أن الإعلان عن فشل المفاوضات من كل الأطراف لا يرضي السلطة، فتأتي تصريحات رجالها أشبه بمن يعاني من غيبوبة سياسية فيصف اشتية المشهد السياسي بقوله "في حال فشل جميع مساعينا للتفاوض العادل مع إسرائيل"، منكراً لحقيقة الفشل القائمة والتي اعترف بها كل من له صلة بالمفاوضات.
وبذلك تبقى السلطة الجهة الوحيدة التي تكذب على نفسها وتدفن رأسها في وحل الذل والخنوع والتضليل في محاولة منها لإقناع نفسها والتماس الاعذار والتبريرات لاستئناف "العملية التفاوضية"، فانقطاع "العملية التفاوضية" يشكل معضلة حقيقية للسلطة التي اتخذت من المفاوضات نهجاً واستراتيجية، فالمفاوضات هي حياة السلطة ورجالها وجوهر وجودهم ومن خلالها يحوزون على الامتيازات المادية، والرواتب والسيارات الفارهة وبطاقات VIP، لذلك فمن الطبيعي ان يتشبث أزلام السلطة بالمفاوضات فهي شريان حياتهم وسبب وجودهم.
وتظهر حقيقة السلطة كأداة بيد الإدارة الأمريكية وذراع أمني للكيان اليهودي في تصريحات المسؤولين الامريكيين الذين لا يعبؤون برجال السلطة وتصريحاتهم التي لا طعم لها ولا لون ولا رائحة ، فالسلطة ليست طرفا في المفاوضات بين الإدارة الأمريكية والكيان اليهودي حتى تصبح ذات قيمة، فهي محل لتلقي الأوامر وتنفيذها فقط؛
فلا ذكر للسلطة الفلسطينية أو رأيها من قريب أو بعيد ولا تأثير لتصريحات السلطة وخياراتها المزعومة، فالكل يدرك واقع تبعيتها لأمريكا ويهود.
ومع عدم ظهور السلطة على خارطة العمل السياسي كطرف فاعل أو مؤثر، تتقزم السلطة وتتقوقع على نفسها لتستحث أسيادها في الإدارة الأمريكية لاستئناف المفاوضات، وتتوسل لذلك "بالأطراف الدولية"!!!
مرة أخرى .. هذه هي فلسطين قبلة المسلمين الأولى، أرض الإسراء والمعراج، أكبر من أن تطالها ألسن الرويبضات، تحط من منزلة كل من يحاول ان يتنازل عنها، فيناله الصغار والذل عند أمته وعند من ارتضى أن يكون لهم تبعا.
إن التقيد بالرؤية الشرعية للحل "تحرير الأرض واقتلاع الكيان اليهودي من الجذور" ، هو الذي يجعل من الرجال أبطالاً لهم ثقل كثقل الجبال، فتحفظ الأمة أسماءهم عبر الأجيال كما حفظت أسماء الفاروق عمر وصلاح الدين وغيرهم من الأبطال.