في صورة هزلية، تناقلت وسائل الإعلام موقف عباس الذي ردّ فيه شأن المفاوضات إلى لجنة المتابعة العربية لتقرر ما إذا كانت "ستسمح!" للسلطة بمواصلة المفاوضات بالرغم من استئناف الإستيطان –الذي لم يتوقف من قبل- بصورة مكثفة واستفزازية.
ونقلت وسائل الإعلام كذلك تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي والتي تضمنت "أمل" واشنطن في أن يستمر تأييد جامعة الدول العربية لمحادثات السلام المباشرة بين "إسرائيل" والفلسطينيين.
********
لم تبعد الفجوة الزمنية بنا عن تكرر نفس المشهد قبل أشهر عدة، عندما رفض عباس الذهاب إلى المفاوضات غير المباشرة إلا بشروط ولكنه ذهب بغير شروط، وتكرر المشهد مرة أخرى كذلك عندما أصر على عدم الانتقال إلى المفاوضات المباشرة إلا إذا تحقق إنجاز في المفاوضات غير المباشرة، ومع ذلك ذهب بغير تحقق شيء يذكر باعتراف عباس نفسه، ولم يغب المشهد عنا كثيرا عندما ملأ عباس وزمرته الدنيا ضجيجاً وانتفاخاً في وسائل الإعلام ليسجلوا لأنفسهم موقفاً، فرفضوا مواصلة المفاوضات ولو ليوم واحد ما لم يتم تمديد فترة تجميد الإستيطان، وها هو مرة أخرى ينكص على عقبيه، فيرد الأمر على استحياء أو بوقاحة إلى لجنة المتابعة العربية لتقرر ما بات الصبي قبل الحليم يدركه، من انها ستعطي المساعي الأمريكية فرصة جديدة لتحقيق السلام!!!!
بل إن عباس استجدى نتنياهو وحكومته تمديد فترة التجميد ثلاثة أو أربعة أشهر أخرى، فهل سيحسم عباس ملفات التفاوض التي لم يحصل عبر 18 عاماً منها على نقير من يهود؟!! أم أنه يسعى لحفظ ماء وجهه وليبرر تخاذله وتمسكه الذليل بالمفاوضات الذي بلغ حد العض على النواجذ وخضوعه لإملاءات الإدارة الامريكية؟!!
أي مهزلة هذه التي يقترفها عباس ومنظمة التحرير وسلطة الإثم بحق فلسطين وأهلها ومقدساتها بل وبحق المسلمين جميعاً؟!!! وأي مهزلة هذه التي باتت قرارات الحكام في لجنة المتابعة العربية تعرف من تصريحات كلنتون أو كراولي!!!
إن تقلب المواقف بهذه السرعة، وعلانية دونما حياء أو خجل، لهو أمر يندى له الجبين. وإن تكرر المشهد في مدة قصيرة مرات عدة وعدم حياء او خجل السلطة ورجالاتها مما يقترفونه لهو امر غريب عجيب، وبلغ من المهانة حداً لم يشهد له التاريخ المعاصر مثيلاً.
فهل يعقل أن يتسول المرء عدوه لهذه الدرجة وبهذه المهانة؟!! بل ويغريه بخدمته الأمنية في كثير من الأحيان؟!! وهل يمكن أن يذهب زعيم في موالاة "أعدائه" إلى هذا الحد؟!! وهل بلغت التبعية بحكام يوماً مثلما أوصلت إليه رجالات السلطة من فقدان الإرادة؟!!
لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ).