تناقلت وسائل الإعلام خبر اللقاءات الأخيرة بين كل من حركتي فتح وحماس والتي جرت في دمشق والبيان المشترك الصادر عنهما، والذي أفاد بأنه تم التفاهم والاتفاق على الكثير من نقاط الخلاف حول ورقة المصالحة المصرية، فيما أفاد صلاح البردويل من حركة حماس إلى أن "هذا اللقاء جاء كنتيجة للقاء سابق جرى بين خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس و عمر سليمان وزير المخابرات المصرية في مكة".
************
لقد كان من الحري بكل من الحركتين أن تتداركا ما آلت إليه كل منهما، وأن تعودا إلى ما قامتا من أجله أو ما ادّعتاه، وما جندتا عليه أتباعهما من أبناء فلسطين ألا وهو تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر، بدلا من التراضي على تقاسم سلطة هزيلة تحت الاحتلال، بل وفي إطار الورقة المصرية التي قررها مدير مخابرات النظام المصري، ذلك النظام الذي يقدم الخدمات لأسياده الأمريكان ويضطلع بمهام تنفيذ مشاريع أمريكا في المنطقة، وهو نفس النظام الذي تواطأ على حصار أهل فلسطين في غزة، بل وتواطأ مع يهود على العدوان الإجرامي على أهل غزة، و كان ركنا أساسيا في إعطاء حكام العرب الغطاء البالي لرئيس السلطة للمضي في طريق المفاوضات.
إن تحريك هذا الملف مرة أخرى –والذي بات الحديث فيه كخض الماء في القربة في ظل انعدام القرار الدولي بخصوصه- وفي هذا التوقيت الذي ترضخ فيه السلطة ورئيسها للألاعيب الأمريكية ومخططاتها، بعدما قررت العودة الذليلة للمفاوضات بالرغم من الصفعات المتكررة من قبل يهود، لتثير علامات استفهام كثيرة؛
فهل العودة لفتح ملف المصالحة هو نوع من ذر الرماد في العيون وللتغطية على أية تنازلات جديدة قد تقدم عليها السلطة؟! أم هل هو الهاء جديد من قبل السلطة لأهل فلسطين للتعمية عن مدى استخذائها أمام يهود؟! أم أن مدير المخابرات المصرية الذي أوعز بإعادة فتح الملف مرة أخرى يسعى لتقوية موقف السلطة على طاولات المفاوضات؟! أم هو محاولة بائسة من قبل النظام المصري ورجالات السلطة على ترتيب نوع من الإجماع "الوطني" على تنازلات السلطة المتكررة أمام يهود؟! أم أن كل ذلك هو ضرب عشواء لا قيمة له كما شهدت من قبل ذلك عشرات التصريحات واللقاءات والزيارات؟!
والسؤال الآخر الذي يجب طرحه ما الذي ستتفق عليه السلطتان أو الحركتان؟ هل هو نهج المفاوضات أم نهج المقاومة أو المقاومة المقننة؟!
إن الأولى بالحركتين –لو عقلتا وتدبرتا أمرهما- أن توقفا عبثهما بالقضية الفلسطينية وأن تردا قضية فلسطين لعمقها الإسلامي وأن تستنهضا جيوش الأمة لتحرير أرض المسرى وان تبقيا جذوة الصراع مع العدو الغاصب مشتعلة.
إن أية مصالحة أو اتفاق بين الحركتين لابد أن يكون على أساس الإسلام وحده، وعلى أساس ما قامت من أجله هاتان الحركتان أو ادعتا ذلك من تحرير لكل فلسطين تحريراً كاملاً غير منقوص. (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)