لا شك أن مضمون المكالمات الهاتفية لم يكن وعداً بتحرير فلسطين والمسجد الأقصى، أو الاقتصاص من القتلة المجرمين، ولا يتصور أن يغير المرء من موقفه تجاه قضية أرض مباركة ومقدسات تئن تحت حراب المحتلين بمجرد اتصالات هاتفية في اقل من ساعة .
فالبدء بالمفاوضات المباشرة جاء اقرب إلى مذكرة استدعاء لموظفين صغار في أقاليم الإمبراطورية الأمريكية، وحتى تكون الصورة واضحة ويعرف الجميع قيمته الحقيقية في سلم الوظائف في الإدارة الأمريكية لم يتطلب ذلك أكثر من ثلاث مكالمات هاتفية حتى تنصاع السلطة وتقبل الأنظمة العميلة وتحزم الأمتعة لموسم الحج إلى واشنطن، ليبدأ التحضير لمفاوضات مباشرة حدد نتنياهو سقفها ومصيرها، ورسم ملامح نتائجها في أحسن الظروف ببلدية ذات صلاحيات محدود، أو شركة أمنية تسمى أجهزة أمنية تسهر على حماية الكيان اليهودي.
ويبدو أن دماء الشهداء التي لم تجف، وآهات الأرامل والأطفال اليتامى، وأجساد الجرحى المحترقة بقنابل الفسفور، وحزن سكان الخيام بعد هدم بيوتهم في جنبات القدس، وحصار غزة، وأنين المسجد الأقصى تحت حراب يهود، يبدو أن كل ذلك لا يصل إلى أسماع عباس وسلطته ويبدو أن سمعهم وبصرهم وقلوبهم معلقة بولي أمرهم في البيت الأبيض، فلا يريهم إلا ما يرى، فلا يخرجون عن طوعه مهما كانت النتائج كارثية على أهل فلسطين والأمة الإسلامية، فالانصياع التام للسلطة لا يكلف الإدارة الأمريكية في أحلك الظروف أكثر من ثلاث مكالمات هاتفية !!! لتلعق السلطة كل تصريحاتها وشروطها الجوفاء وتغرق في الذل من أذنيها إلى أخمص قدميها.
إن تحرير الأرض وإعادة المقدسات يكون على أيدي رجال ينقادون لأوامر رب العزة جل جلاله، ويتقربون إلى الله بالعمل لإيجاد حكم الله في الأرض بإقامة الخلافة على منهاج النبوة التي ستحرك الجيوش وتقتلع هذا الكيان الغاصب، ولن يكون ذلك إلا بعد ان تخلع الأمة الأنظمة العميلة وتقطع كل خطوط الاتصالات والتبعية مع الغرب الكافر المستعمر.