كثيراً ما يردد رجالات السلطة وأصحاب المشروع الوطني عبارات التمسك بل التمسح بالقدس معتبرين قضية القدس –وفق تصريحاتهم- قضية مركزية من قضايا المفاوضات المخزية.
وهنا لا بد لنا من التوقف قليلاً لنرسخ حقيقة لم تكن بحاجة لأي تذكير من قبل، غير أن ما تحياه الأمة من مغالطات سياسية وتضليل إعلامي جعل الثابت متغيراً.
فالقدس لولا الإسلام لما كان لها في قلوب المسلمين مكانة مرموقة، ولولا أنها مسرى النبي محمد عليه السلام وفيها أولى القلبتين وثالث الحرمين وثاني المسجدين لما تعلقت بها أفئدة المسلمين، فالإسلام هو من جعل للقدس وللمسجد الأقصى هذه المكانة.
والإسلام كما بارك في المسجد الأقصى بارك فيما حوله، كما أنه لا يفرق بين القدس وعكا أو بين رام الله وصفد أو بين نابلس واللد في وجوب تحريرها وتخليصها من ربقة الاحتلال، كما أنه يحرم التفاوض مع كيان أقيم على ما أُغتصب من بلاد المسلمين.
وهنا يدرك المرء حجم التضليل والمغالطة في تحوير قضية القدس من وجوب تحريرها -كما هو شأن فلسطين بأسرها- إلى الزج بها في دهاليز المفاوضات الاستسلامية. كما يدرك المرء حجم التآمر في التفريق بين المحتل عام 48 والمحتل عام 67، وفظاعة تقسيم القدس إلى غربية وشرقية.
إن ربط القدس بالحلول الخيانية أو بما أسماه الهباش بالمشروع الوطني والسياسي وما أسماه بالديني تضليلا منه، لا يعدو تمسحاً بالمقدسات لتمرير المؤامرات وتبرير التنازلات.
إن القدس بمقدساتها وبكل شبر منها ارتوى من دم الصحابة الأبرار لن تكون شاهدة على الحلول الانهزامية والخيانية والمخالفة للإسلام، والتي يلهث خلفها أصحاب ما يسمى بالمشروع الوطني، بل ستكون عامل فضح وكشف لهؤلاء وخياناتهم، فالقدس –لا شرقية ولا غربية وفلسطين كاملة- لا تقبل القسمة على اثنين وليس لها من حل سوى التحرير.
إن احتلال القدس لا بد أن يدفع المسلمين إلى التوحد تحت إمرة خليفة راشد ليعيد سيرة الفاروق وصلاح الدين، فيحرر المسلمون القدس كما فتحوها وحرروها من قبل. وعندئذ تعود القدس درة في تاج المسلمين وعروساً للشام وجزءاً من بلاد الإسلام لا جزءاً من حلولٍ استسلامية أو مفاوضات خيانية.