خبر وتعليق: إذا سكت العالم تقية والجاهل يجهل فمتى يظهر الحق يا مفتي القدس!
التفاصيل
القدس -معا- دعا الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية المواطنين للمحافظة على حرمة شهر رمضان القادم، مهيباً بأصحاب المطاعم والمقاهي إقفالها خلال نهار رمضان حفاظا على حرمة هذا الشهر.
وطالب المفتي أجهزة الأمن المختصة بملاحقة كل من يجاهر بالإفطار، وحث تجار المواد الغذائية على البعد عن الاستغلال والاحتكار ورفع الأسعار، والاكتفاء بالربح اليسير، فرمضان هو شهر الرحمة والخير والإحسان وليس شهر الابتزاز.
*****
لا شك أن دعوة مفتي القدس المسلمين إلى مراعاة حرمة شهر رمضان، ومطالبة الأجهزة الأمنية بملاحقة من يجاهر بالإفطار في رمضان، هو عمل خيرٍ لا غبار عليه. ولكنه أقل من القليل الذي يجب على أمثاله من العلماء. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو العمل الأصيل للعلماء، وهو ما لا يجوز لعالم أن يقصر فيه أو يتقاعس عنه، حتى ولو كان من باب التقية. فكما قال الإمام أحمد رحمه الله: "إذا سكت العالم تقية والجاهل يجهل فمتى يظهر الحق".
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو صمام أمان بالنسبة للأمة الإسلامية، وهو جزء من العمل السياسي الواجب على المسلمين وعلى أهل العلم خاصة من أجل تغيير المنكر وإحقاق الحق.
فأن يتجاهل مفتي القدس كل المنكرات والجرائم التي تقوم بها السلطة صباح مساء، ثم يأتي ليتناول جزئية ما كانت لتكون لولا المنكر الأصيل، أمر غير مقبول.
ألا يرى مفتي القدس موالاة السلطة ليهود ولأمريكا؟
ألا يرى مفتي القدس تفريط السلطة وخيانتها لأهل فلسطين ولأرض فلسطين وللمسلمين؟
ألا يرى مفتي القدس ملاحقة السلطة لحملة الدعوة ومنعها لكلمة الحق بالقوة والسلاح، ومحاربتها لدعوة الخلافة؟
ألا يرى مفتي القدس بطش السلطة بكل من تسول له نفسه مس أمن يهود؟
ألا يرى مفتي القدس تبني السلطة لدستور كفر يبارزون فيه الله؟
ألا يعلم مفتي القدس أن وجود السلطة بحد ذاته من أعظم المنكرات، وهو يعلم أنّ وجودها يعني الاعتراف بشرعية كيان يهود الغاصب؟
ألا يعلم مفتي القدس أن كل المنكرات والفواحش المنتشرة في فلسطين إنما ترعاها السلطة وتنميها؟ أليست هي من ترعى مؤسسات الإفساد ومسابقات الرذيلة ومهرجانات الانحلال؟
فلماذا إذا سكوتك يا مفتي القدس عن كل ذلك، فهل تحول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مناسبة نادرة لها طقوسها وعاداتها وأجواؤها، بدلاً من أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو العمل الدؤوب للمسلمين عامة وللعلماء خاصة.
إنّ العلماء هم ورثة الأنبياء، وتقصير العالم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل لاستئناف الحياة الإسلامية لا يساوي تقصير المسلم العادي، وهو أمر غير مبرر ولا مقبول من العلماء المؤتمنين على دين الله.