لا زالت السلطة تتعلق بوهم المفاوضات وترنو بأبصارها إلى عودتها بكافة صورها وأشكالها، رغم كل الممارسات والصفعات التي يوجهها كيان يهود للسلطة وللإدارة الأمريكية من خلفها، والتي هي أشد وضوحاً وأبلغ من الردود الكلامية.
لقد كانت المفاوضات غير المباشرة وصمة عار في جبين السلطة التي أخذت على عاتقها المضي قدماً في المفاوضات بالرغم من كل الجرائم التي يرتكبها كيان يهود.
فالمفاوضات غير المباشرة استمرت في ظل استمرار جرائم كيان يهود وبطشه الذي طال البر والبحر والحجر والبشر، ولا زالت طائراته تقصف المدنيين في غزة وتهجر أهل القدس وتعتقل وتروع في الضفة من تشاء، كما حدث في نابلس والخليل مؤخراً.
كما أنّ المفاوضات غير المباشرة استمرت رغم قيام كيان يهود بكل أعمال الاستفزاز وتقويض "أجواء الثقة" بين الطرفين التي زعم الطرف الأمريكي أنه أخذ العهود والمواثيق على يهود بعدم القيام بها.
فالمفاوضات غير المباشرة لم تفضٍ إلى شيء يُذكر، فكيف تتطلع السلطة وترنو بأبصارها في ظل هذا الواقع المخزي والمأساوي إلى استئناف المفاوضات المباشرة ضاربةً عرض الحائط بكل المعاناة التي يحياها أهل فلسطين؟!
وهل حقاً تنتظر السلطة ردوداً لتقرر فيما إن كانت ستذهب إلى المفاوضات المباشرة، أم أنّ أمريكا هي صاحبة القرار وقد قررت عنها الذهاب إلى تلك المفاوضات؟! وأنّ تصريحات عباس ليست سوى إخراج للموقف الجديد خاصة في ظل التسريبات بأنّ عباس سيلتقي بنتنياهو في واشنطن الشهر القادم وفق ما كشفت عنه صحيفة معاريف "الإسرائيلية"؟
إنّ كيان يهود لا زال يمعن فتكاً وتدميراً بالأرض المباركة وبأهلها ومقدساتها، وما إعلان المخطط الهيكلي الرامي إلى القضاء على البقية المتبقية من القدس وتهويدها سوى استمرار لهذه السياسة، ومع ذلك كله تستمر السلطة بمكافأة هذا الكيان المغتصب على جرائمه.
إنّ السلطة كعادتها مستمرة باللهث خلف سراب المفاوضات حتى إذا جاءتها لم تجدها شيئاً، وستبقى هذه المفاوضات في أخذ وجذب، ومجرد غطاء لجرائم يهود وطوق نجاة لهم من كل أزمة دولية تلم بهم دون أن تنال السلطة منهم نقيراً.
فهل ستبقى السلطة تقدم الخدمات السياسية لكيان يهود مثلما تقدم له الخدمات الأمنية "الجليلة" التي لاقت مؤخراً رضا الجيش "الإسرائيلي" فأمضى لها بذلك شهادة "امتياز" على لسان الناطق الرسمي باسم الجيش اليهودي ؟!
إنّ قضية فلسطين لن تقدر السلطة ولا كيان يهود ولا الإدارة الأمريكية على حلها بالمفاوضات مهما كان شكلها، ففلسطين لن تقبل القسمة على اثنين في يوم ما، وقدسيتها وإسلاميتها مسطّرة في الكتاب الحكيم مما يجعلها جزءاً من عقيدة الأمة، فأنى لمفاوضات أو الأعيب سياسية أن تغير من عقيدة الأمة أو تحرّفها! هيهات هيهات لما يظنون.