أدان رئيس وزراء السلطة سلام فياض حادثة إطلاق النار التي أدت إلى مقتل جندي "إسرائيلي" صباح اليوم جنوب مدينة الخليل، وشدد على أن السلطة ستواصل وبحزم اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار مثل هذه الأحداث. وحذر من مخاطر الانجرار إلى دائرة العنف وأعتبر فياض أن الشعب الفلسطيني يتوحد خلف نهج المقاومة الشعبية السلمية ضد الاستيطان وإن هذا النهج يجد المساندة الكاملة من السلطة ويحظى في نفس الوقت بالتأييد الدولي واسع النطاق.
*****
ما الذي تخشاه السلطة لتسرع مهرولة في كل حادثة تمس أمن يهود بالشجب والإدانة والاستنكار والتعهد بملاحقة "المعتدين" الذين لا تتورع عن وصفهم بأقذع الأوصاف وتصفهم بـ"الخارجين على الصف الوطني" أو "يريدون هدم إنجازات السلطة"؟! هل هو الحرص الكاذب على ما تسميه السلطة تضليلاً بمصالح الشعب الفلسطيني العليا؟! أم هو التفاني الحقيقي في خدمة أمن يهود؟! وما هي إنجازات السلطة التي يخشى فياض انهيارها؟! هل هي أجهزة القمع الفلسطينية؟! أم مؤسسات السلطة "العتيدة" التي تقتات على أرزاق الناس الفقراء؟! ومن ثم من ذا الذي تواضع على ذلك الصنم الذي يعبد من دون الله (المصالح العليا للشعب الفلسطيني)؟! هل هو فياض أم عباس أم الجامعة العربية أم الجنرال دايتون أم اتحاد المانحين الأوروبي؟!
لقد بات انخراط السلطة في خدمة أمن يهود أمراً تقشعر منه الأبدان وتستهجنه العقول السليمة من شدة غرابته، فهل أدانت السلطة حادثة اعتداء يهود على سفن الإغاثة بمثل عبارات الشجب والاستنكار هذه؟! أم تراها توعدت بملاحقة المعتدين؟! أم أنها كانت وسيلة الاتصال بين كيان يهود والعالم الخارجي فكانت مصدر معلومات القتلى والجرحى بما زودها كيان يهود من معلومات فكانت مجرد بوق وخادم له؟!
إن حديث فياض الذي أصم به آذاننا من أن الشعب الفلسطيني موحد خلف السلطة بنهج المقاومة السلمية هو محض افتراء وكل من يحيا في فلسطين يدرك مدى القمع الذي تمارسه السلطة بحق من يفكر بإيذاء يهود مجرد تفكير وكيف فاقت السلطة في أساليب تعذيبها يهود أنفسهم مما أكسبها ثقتهم "الغالية"، كما يدرك كيف لاحقت السلطة نشطاء المقاومة السلمية التي تزعم دعمها وتأييدها.
إن من لديه ذرة إحساس أو عقل أو كرامة يدرك بأن الحقوق لا تستجدى بالتأييد الدولي أو بالتقرب زلفى من الاحتلال، لكن السلطة قد سجلت ظاهرة جديدة في تعامل من احتُلت أرضهم مع المحتلين حيث كانت أشد وفاءً لأمن يهود من أمن شعبها وأشد حرصاً على كل قطرة دم يهودي من دماء أبناء شعبها بل إنها لتريق الدم الحرام لصون الدم المهدور وتكمم الأفواه لمنع "التحريض!"، فكانت بحق وبدون أدنى مبالغة طفرة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ولكنها طفرة تمنى البشر والأصحاء لو لم يشهدوا ولادتها يوماً.