وجاء في نص الخبر أن صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" أفادت في عددها الصادر يوم الخميس، أن وزارة الخارجية "الإسرائيلية" أعدت مؤخرا وثيقة جاء فيها أن السلطة الفلسطينية ستواصل إدارة معركة سياسية ضد "إسرائيل" على الحلبة الدولية رغم انطلاق المباحثات غير المباشرة بين الجانبين.
كما تقول الوثيقة إن الجانب الفلسطيني سيحاول استغلال المباحثات من أجل تكثيف الضغوط الأميركية على "إسرائيل" لتواصل تجميد البناء في المستوطنات خلال الفترة ما بعد شهر سبتمبر ـ أيلول القادم.
ومن ناحية أخرى تشير الوثيقة إلى أن السلطة الفلسطينية ستوافق على الانتقال إلى المباحثات المباشرة إذا تأكدت من جدية النوايا "الإسرائيلية".
وللتعليق على هذا الخبر نتناوله من زوايا خمس:
أولاً: إن الأخبار لا تصنع المواقف أو الرجال بل المواقف والرجال هم من يصنعون الأحداث وبالتالي هم من يصيغون الأخبار، فالخبر الذي نعلق عليه يجعل من السلطة نداً "لإسرائيل" وخصماً مناوئاً لها، مع أن الواقع المعاش يثبت خلاف ذلك بلا شك ولا ريبة، والسلطة التي لا يملك رئيسها أن يغادر المقاطعة في رام الله إلى أصغر وأقرب القرى المحيطة بها إلا بإذن من قوات الاحتلال بل وبحمايتهم وحراستهم، لا يظنن عاقل أن بمقدور عباس أن يغادر البلاد فيجوب الدول طولاً وعرضاً من الصين إلى الإمارات ومصر وغيرها "ليفضح" سياسة يهود أو يحرجهم وهم عنه ساكتون.
ثانياً: أليس إحراج "إسرائيل" يتعارض مع التنسيق الأمني معها ومحاربة كل من يحاول أن يخدش يهود بل أن يحرض عليهم بالقول؟! أم تُرى أن أمن يهود من المسلمات التي لا يصح أن تمس؟! وإذا كانت السلطة لا تساوم على أمن يهود البتة فما ضرهم من "الإحراج" الذي يزعمون أن السلطة تسببه لهم؟!!
ثالثاً: إن التأثير على قرارات دولة ما لا يكون إلا بأحد طريقين لا ثالث لهما؛ إما تهديد مصالح تلك الدولة أو التبعية والانقياد لها وتأمين مصالحها، ولكم أن تتصورا ما للخادم والتابع الذليل أن يحدث من أثر على قرار سيده، وسواء اعتبر البعض أن السلطة تابعة ذليلة لأمريكا أو ليهود أو لكليهما معا فلكم أن تتصوروا حجم ما ستحدثه السلطة من تأثير على قرارات الدولتين!!
رابعاً: يبدو أن الدافع لإصدار هذه الوثيقة لا سيما أنها صادرة عن وزارة الخارجية "الإسرائيلية" هو محاولة طي صفحة الإهانات المتكررة التي وجهها ليبرمان لعباس وسلطته لما لاستمرار فضح هذه السلطة وأزلامها من أثر سلبي يؤثر على قدرتها على تمرير المخططات أو إطالة عمر المفاوضات المخزية التي تصب في صالح كيان يهود.
خامساً: لقد بلغ التضليل في وسائل الإعلام مبلغاً هائلاً، ففي هذا الخبر توحي صحيفة هآرتس أن السلطة تسعى لتواصل تجميد الاستيطان ما بعد شهر أيلول في كذب وتضليل صريح وكأن المستوطنات قد جمد البناء فيها وكأن كيان لا يهود لا يعلن عن مخططات استيطانية جديدة لا سيما في القدس يوماً بعد آخر؟!!!
لقد بلغت السلطة من القبح والبشاعة والإجرام ما يجعل استنفاذ جميع مساحيق التجميل لا يفضي إلى تغطية جزء يسير من بشاعتها، فأهل فلسطين يعايشون هذه السلطة بأفعالها وجرائمها لحظة بلحظة وليس في مقدور وسائل الإعلام أو التسريبات الصحفية الملفقة أو المصطنعة من قبل السياسيين أن تغير من صورتها أو تعلي من أسهمها.
كما أن أهل فلسطين باتوا أكثر من أي وقت مضى يتطلعون لعودة الخلافة القادمة قريباً بإذن الله لتحرر فلسطين وكل شبر محتل من أرض المسلمين.