جاءت تصريحات كلينتون هذه في إطار احتفال كيان يهود في الذكرى الثانية والستين لاغتصابه أرض فلسطين وإنشائه كيانه المسخ عليها.
وأكدت كلينتون أن لديها التزاما شخصيا عميقا نحو "إسرائيل" وكذلك الشأن مع الرئيس باراك أوباما، واعتبرت المناسبة "فرصة لإحياء كل ما حققته "إسرائيل" وتأكيد العرى التي توحد شعبيهما"، وذكّرت بأن الأمر لم يستغرق من الرئيس السابق هاري ترومان في 1948 إلا 11 دقيقة ليعترف "بإسرائيل" دولة.
إن تصريحات كلينتون هذه واصطفافها قلباً وقالباً، بصفة رسمية وشخصية، بجانب كيان يهود يوجه صفعة ثالثة أو رابعة أو أكثر لكل من يلهث خلف سراب الوعود الأمريكية ويطمع أو يطمح أن تمارس أمريكا في ظرفها الراهن ضغوطاً حقيقية تذكر على كيان يهود.
إن الأزمة التي لاحت في الأفق بين كيان يهود والإدارة الأمريكية جراء تمرد نتنياهو وحكومته على الأوامر الأمريكية واستمرار إحراجه لأوباما وإدارته، لم ترق لتعتبر سحابة صيف عابرة أو أزمة مؤقتة فهي لم تعدُ أن تكون دغدغات أب لابنه يداعبه فلا يزيده سوى تمرداً وعصيانا.
إن أمريكا ويهود سيان في حرب الإسلام وأهله، فهما كالجسد إذا اشتكى يهود فزعت له أمريكا بالمال والعتاد والطائرات، ولا غرو في ذلك فكيان يهود قد غرسته بريطانيا من قبل ورعته أمريكا وأنشأته على عين بصيرة ليكون قاعدة عسكرية متقدمة لها في المنطقة فيحول دون وحدة الأمة ويبقى ألهية للمسلمين عن قضيتهم المصيرية، وخطوط دفاع متقدمة إذا وقعت واقعتهم بقيام الخلافة، فكيان يهود هو عين أمريكا التي تبصر بها أهل المنطقة وهو يدها التي تبطش بها المسلمين، فهم في عداء المسلمين سواء.
إن اعتبار أمريكا وسيطاً فيما يعرف بقضية الشرق الأوسط هو تضليل للأمة وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، علاوة على جرم اعتبارها سنداً ومعيناً، إذ هو تمكين للكفار الأعداء بل المحاربين لنا فعلاً من رقابنا، والله يقول (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)، وهو انتحار سياسي فكيف نضع قضايانا في يد أعدائنا؟!
إن رسائل أمريكا وصفعاتها التي يأخذ بعضها برقاب بعض للسائرين في مخططاتها، لم تثن هؤلاء وفي مقدمتهم السلطة عن بقاء الترويج لمشاريعها ووعد أهل فلسطين بدويلة فلسطين "العظمى القاريّة" جراء وعود ومشاريع أمريكا، وبرغم ما ألحقه هؤلاء بقضية فلسطين من ضرر فادح إلا أنهم لا زالوا في غيهم سادرون وهم على يقين بأنهم لن يجنوا من الشوك لا عنباً ولا حنظلاً، ولكنها التبعية والبلادة السياسية.
فهل آن الأوان والحال كذلك لخير أمة أن تتسنم الذرى وتمسك بزمام أمرها وتنهي حقبة الذل التي تحياها؟! فعار عليها أن يحكم في شأنها كلينتون أو أوباما أو ساركوزي ، فهي أمة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهي أمة خالد وأبي عبيدة، ومن نسلها خرج صلاح الدين والفاتح، ومن نسلها سيخرج من يحرر كل فلسطين من جديد ويكمل مسيرة الفاتح حتى أبواب روما.