أربعةَ عشرَ شهيداً بَعْدَ انتشالِ الجثامينِ، ودَمارٌ واسعٌ وتخريبٌ عَقِبَ الجريمةِ "المَجْزَرَةِ" التي قامتْ بها قواتُ جيشِ الكِيانِ في مخيمِ نورِ شمس، ضمنَ عِدّةِ مجازِرَ هذا اليومَ امتدّتْ من رفح في جنوبِ القِطاعِ إلى طولِكَرْم في الضِّفةِ الغربية، وآخرونَ مِنَ الشّهداءِ فُرادَى في مناطِقَ أخرى، نسألُ اللهَ عزّ وجلَّ أنْ يتغمّدَهُمْ برحمَتِهِ ويُنْزِلَهُمْ منازلَ الشهداء.
لمْ يَعُدْ كِيانُ يهودَ يقفُ عندَ حدٍّ في جرائمِهِ، لا في الأعدادِ ولا في الكيفيةِ، فقدْ باتَ يَعْتَبِرُ أهلَ فلسطينَ كُلَّهُمْ هدفاً لإجرامِه، فَمِنْ قُطعانِ مُستوطِنِيهِ الذين باتوا يُهاجِمونَ الناسَ في قُراهُمْ، إلى جيشِهِ الذي صارَ يَقْتُلُ دونَ حِسابٍ لِلْكَمِّ ولا لِلْكَيْفِ، وجَرّافاتُهُ التي صارتْ تُمارِسُ الهدمَ والتدميرَ والخرابَ لِلشوارعِ والبُنَى التحتيّةِ والحَجَرِ، وكأنّهُمْ مَا عادُوا يكتفونَ بالتسلُّطِ على أهلِ فلسطينَ واحتلالِ أرضِهِمْ، بلْ صارُوا يَسْعَوْنَ الآنَ لإبادَتِهِمْ وإزالَةِ وُجودِهِمْ، أو صِناعةِ الظّروفِ التي تُهَجِّرُهُمْ لِيَتَعذّرَ عَيْشُهُمْ على هذِهِ الأرضِ المباركة.
إنّ ما يَحْصُلُ مِنْ قتْلٍ ومَجازِرَ في الضّفّةِ الغربيّةِ، إنما هو استكمالٌ لِمَا يَجْرِي في غزّةَ مِنْ وحشيّةٍ أكبَرَ، وقدْ أغْراهُمْ بذلكَ أنّ ما يَجري في غزّةَ من جريمةٍ وإبادةٍ وتدميرٍ منذُ بِضعةِ أشْهُرٍ، زادَ فيهِ الضّحايا من الشّهداءِ والجرحى عَنْ مئةِ ألفٍ، لمْ يَدْفَعُوا ثَمَنَهُ، ولم يُجْبَروا على تَحمُّلِ عواقِبِه، فهَوُ لمْ يُشَكِّلْ لدى الأنظمةِ الخائنةِ العميلةِ خَطّاً أحْمَرَ، ولم يتحرّكْ لأجْلِهِ مِنْ جُيوشِهِمْ جُنديٌّ واحِدٌ، ولمْ تُطْلَقْ لأجلِهِ قذيفةُ مِدْفَعِيّةٍ، أوْ تَطِرْ لأجْلِهِ طائرةٌ واحدة، وبالتالي لمْ يَعُدْ وَالحالُ كذلِكَ، لدى الكِيانِ خَطٌّ أحْمَرُ وَلا يَحُدُّهُ حَدٌّ فيما يُمارِسُهُ مِنْ وَحْشِيّةٍ تُجاهَ أهلِ فِلسطين.
لقدْ أغْرَى كِيانَ يهودَ، وَهُمُ الجُبَناءُ الذين لَطالَما أشارَ كِتابُ اللهِ إلى جُبْنِهِمْ وَذِلَّتِهِمْ وكَوْنِهِمْ لَيْسُوا بأهْلِ قِتالٍ، أنّهُمْ وَجَدُوا مَنْ هو أكثرُ منهم جُبناً، مِنْ حُكّامِ العَمَالَةِ والخَوَرِ، وأنْظِمَةِ التّآمُرِ والخِذْلانِ والانْبِطاحِ، التي أحالَتْ بُلْدَانَها إلى أشْباهِ دُوَل، فكَتَمُوا أَنْفاسَ النّاسِ وشَلُّوا حِراكَهُمْ، وعَطّلُوا جُيوشَهُمْ وكأنّها غَيْرُ مَوْجُودَة.
فَهلْ يُعْقَلُ أنْ يَبْقَى هؤلاءِ الجُبناءُ سادةً على خيرِ أمّةٍ وَهُمُ الذينَ لم يُبْقُوا لها شأناً بينَ الأُمَم؟ وهلْ يُعْقَلُ أنْ تُمْنَعَ أمّةُ المِليارَيْنِ مِنْ قِبَلِ هؤلاءِ الشِّرذِمَةِ مِنْ نُصْرَةِ أبنائِها تُجاهَ ما يُفْعَلُ بِهِمْ في الأرضِ المُبارَكَة؟
وَهَلْ يُعْقَلُ يا أهْلَ النّخوَةِ، ويا أهْلَ القوّةِ والجُيوشِ، وَيا أيّها الضّبّاطُ والأرْكانُ، أنْ تَسْتَغْشُوا ثِيابَكُمْ وتَسْتَمِرّوا بِصَمْتِكُمْ عمّا تَرَوْنَهُ مِنْ جُبْنِ حُكّامِكُمْ وقَدِ اسْتَنْسَرَ البُغَاثُ مِنْ كِيانِ يهودَ بِأَرْضِكُمْ بلْ وَبِساحاتِ أقْصَاكُمْ؟ وهلْ مِنْ تَحَرُّكٍ تَخْلَعُونَ بهِ كراسي حُكّامِكُمْ؟ ونَفِيرٍ تَقْلَعُونَ بِهِ كِيانَ يهودَ مِنْ دِيارِكُمْ؟ هلْ مِنْ جِهادٍ تَنْصُرُونَ بهِ إخْوانَكُمْ وتُوْقِفُونَ مَأْساتَهُمْ وَتُرْضُونَ رَبَّكُمْ، فَيَنْصُرَكُمْ حِينَئِذٍ وَيُثَبِّتَ أَقْدَامَكُمْ؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
21-4-2024