هذا ما جادت به قريحة رجال دايتون وهو اعتبار المفاوضات هدفًا أعلى من المقدسات، فلم تغضب السلطة للمقدسات وإنما غضبت لأن ذلك سيعيق المفاوضات! فهؤلاء القوم انسلخوا منذ زمن من أفكار الإسلام وأمست مشاعرهم تستند إلى فكر دخيل على الإسلام وعلى أهل فلسطين، ورحم الله الشافعي عندما قال: من استُغضِب فلم يغضب فهو حمار.
ولو كان في قيادات السلطة مثقال ذرة من حياء، لأعلنوا للأمة توبتهم عن ارتهانهم للكفار المستعمرين وعن تضييع الأرض المقدسة وأعادوا الأمور إلى نصابها والقضية إلى أهلها، ففلسطين يحررها زحف الجيوش لا زحف المفاوضين تحت أقدام المحتلين الذين ينتظرون فُتاتًا يُلقى من هنا أو هناك.
أيها المسلمون في فلسطين:
إن الله قد رفعنا ورفع مستوى تطلعاتنا مهما كانت الظروف إلى مستوى عال بعلو الإسلام نفسه، والسلطة تخفضكم إلى مستوى خفيض من الوطنية والعمالة لأعداء الله، وإن الله قد وعدنا الأرض مشارقها ومغاربها يمكننا فيها وهو منجز وعده، والسلطة تعدها أميركا بكيان ذليل مشلول تحت الوصاية على جزء من فلسطين مقابل إعطاء الحق ليهود في الأرض المقدسة ..
فاختاروا بين وعد الله ووعد الشيطان .. اختاروا بين عز الإسلام وذل الوطنيات .. اختاروا بين طاعة الله وطاعة أميركا ..
إن هذه السلطة لم تحفظ عِرضاً ولم تصن حرمة أو دما ولم تستنقذ مقدسات ولم توقف مستوطنات، وقادتها يعلنون فشل جهودهم في تحقيق أي شيء لأهل فلسطين، ونحن ندلكم على ما يبرئكم عند ربكم ويحرر أرضكم ويرجعها إلى ديار الإسلام عزيزة مكرمة لا يرتفع فوقها إلا راية الإسلام وليس راية وطنية مقيتة تعني ترك أهل فلسطين لقمة سائغة ليهود: أعلنوا البراءة من مشروع السلطة ومشروع المفاوضات وعضوا على أرضكم بالنواجذ وأفشلوا مشاريع التصفية وأفهموا الأمة مسئوليتها وأوصلوا صوتكم للجيوش، فإن الخير كامن في الأمة وهو ينتظر من يستخرجه منها ويضعه موضعه، وحينئذ نرى طائرات غير طائرات يهود في سماء فلسطين ودبابات غير دباباتهم وجيوشا غير جيوشهم، إنها جيوش مؤمنة متوضئة مكبرة يقذف الله بها الرعب في قلوب يهود فيندحروا إلى مزابل التاريخ وتعود فلسطين كما أراد لها الله أن تعود.