أجرى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، الثلاثاء، مباحثات مع وفد
من لجنة الشؤون العامة الأمريكية (الإسرائيلية) "أيباك" بشأن سبل تحقيق حل الدولتين وجاء ذلك
خلال لقاء في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة جمع الشيخ ووفد لجنة "أيباك"،
وقال الشيخ، في تغريدة: "التقيت اليوم مع وفد من أيباك، حيث تمت مناقشة العلاقة مع الإدارة
الأمريكية، والحكومة (الإسرائيلية) وقضايا إقليمية وضرورة وجود أفق سياسي يرتكز على
الشرعية الدولية ويفضي إلى حل الدولتين".
يأتي هذا اللقاء بالتزامن مع الذكرى 29 لتوقيع اتفاقية أوسلو التي أفرزت حقائق على الأرض خلال
العقود الماضية كفيلة بإظهار حجم الخيانة التي ارتكبت عند توقيع تلك الاتفاقية وحجم الانبطاح
السياسي عند المنظمة ورجالاتها ولهثهم المستمر خلف الولايات المتحدة وكيان يهود -كما فعل
حسين الشيخ في لقائه مع الأيباك- للحصول على دولة لم تقم رغم أن المهلة النهائية لإقامتها كانت
قبل 22 عاما!! ورغم أن المنظمة والسلطة قدمت كل التنازلات المطلوبة منها كثمن للدولة في
صورة قاتمة تمثل أسوء حالات التفاوض والتنازل السياسي الفاضح الذي يضرب به المثل، وقد
نصت الاتفاقية عند توقيعها "على أن هدف المفاوضات (الإسرائيلية) الفلسطينية، من بين أمور
أخرى، إقامة سلطة حكم ذاتي انتقالية فلسطينية وأن لا تتجاوز الفترة الانتقالية 5 سنوات تؤدي إلى
قيام دولة فلسطينية وتؤدي إلى تسوية دائمة تقوم على أساس قراري مجلس الأمن رقم 242 -نص
على انسحاب (إسرائيل) من أراضي احتلها (إسرائيل) عام 67- وقرار رقم 338 -نص على وقف
إطلاق النار بين العرب و(إسرائيل)-" ولكن تلك النصوص ترجمت على الأرض بمئات
المستوطنات ومئات آلاف المستوطنين وابتلاع معظم أراضي ج التي تركتها اتفاقية أوسلو أمنيا
وإداريا لكيان يهود وشكل ذلك فرصة له لمنع أهل فلسطين من التمدد الديمغرافي في تلك المناطق
رغم أنها تمثل 61% من الأراضي المحتلة عام 1967.
إن لقاء الشيخ بوفد الأيباك الأمريكي يظهر كم أن رجالات السلطة والمنظمة متمسكون بالسلطة بعد
أن ضاعت منهم الدولة وأن السلطة وبقاءها أصبحت غاية سياسية بحد ذاتها في نظرهم ووسيلة
مهمة لحفظ مكتسباتهم الشخصية ومناصبهم "السيادية!" وعمالتهم السياسية، وأنهم لا يخجلون من
الحديث عن مشروع الدولتين رغم أن كيان يهود لم يبق أرضا متصلة لتقوم عليها دولة! وحتى أن
سياسيي السلطة يدركون أن ما يراد للسلطة من كيان يهود ليس دولة وإنما خدمة للمحتل على شكل
مؤسسات تحمل أعباء الناس وأجهزة أمنية تحفظ أمن كيان يهود وأن ما يراد منهم هو الاستمرار
بهذا الدور حتى يرى كيان يهود الخطوة القادمة في ظل استفراده بالقضية والتطبيع المخزي
وانشغال الولايات المتحدة بقضايا دولية كبرى!
إن هذا اللقاء يظهر أن تهديدات السلطة المتعلقة بالتراجع عن الاتفاقيات وعلى رأسها اتفاقية أوسلو
والتهديد بتنفيذ قرارات المركزي وحل السلطة هي مجرد فقاعات لا وزن لها وأن السلطة متمسكة
بآخر تلميح عن مشروع الدولتين من الغرب وكيان يهود، وأن خوفها الحقيقي هو على مصيرها في
ظل ما يحصل في الضفة من تطورات وأنها متخوفة من تلك الأحداث ومن المستقبل رغم أنها
مطمئنة إلى أن كيان يهود يُقدّر لها ما تقدمه له من خدمات.
لقد بات واضحا للقاصي والداني أن المنظمة والسلطة لم تجلب لقضية فلسطين إلا الضياع، ولأمة
الإسلام سوى التخدير وفصل القضية عن عمقها الإسلامي بحجة الممثل الوحيد والشرعي، ولأهل
فلسطين سوى القهر والظلم والفقر والإفساد بمؤسساتها الفاسدة وأجهزتها الامنية وسياساتها الظالمة،
وأنها كانت مصيبة على القضية وعلى أهل الأرض المباركة ونعمة على كيان يهود وأمنه، وأن
خلاص أهل فلسطين لا يكون إلا بتجاوز الأمة لتلك الاتفاقيات التي وقعتها المنظمة والدوس على
المشاريع الدولية ومنها مشروع الدولتين الأمريكي الذي تبنته السلطة وكل الأنظمة الحاكمة في بلاد
المسلمين والعمل السياسي المنظم لإسقاط أنظمة التطبيع والخيانة والتحرك العسكري لتحرير
فلسطين واقتلاع كيان يهود من جذوره التي تفرعت وطالت جل الأرض المباركة.
١٤-٩-٢٠٢٢