تعليق صحفي

القمع والبلطجة نهج مستحكم في أجهزة السلطة وليس حدثاً عرضياً

 

شاهد العالم بالأمس صورة مصغرة عن "موقعة الجمل" في القاهرة إبان الثورة على المخلوع مبارك، حيث أقدم العشرات من الأجهزة الأمنية بلباس مدني وبحماية عسكرية على الاعتداء على المحتجين ضد تغول السلطة في رام الله.

إن هذا التغول وتلك التصرفات المستهجنة والمستنكرة التي سُحل فيها المتظاهرون في الشوارع ودُكت رؤوسهم بالحجارة، تؤكد أن قتل نزار بنات ليس حدثا عابراً أو خطأ فردياً بل هو نهج لهذه الأجهزة القمعية التي تحمل الضغينة لأهل فلسطين وتتسلط على رقابهم، بينما تتعامل بذل وانكسار مع الاحتلال!

إن ما حدث بالأمس ينفي بشكل مطلق تذرع السلطة بوجود المندسين وأصحاب الفتن والساعين لاستخدام السلاح، فهي أقدمت على جريمتها واعتدت على متظاهرين سلمييندون وجود من تسميهم بالمندسين، بل كان السلاح بيدها، والبلطجية يعملون تحت سمعها وبصرها وبحمايتها، مما يؤكد أن فكرة المندسين ليست سوى شماعة تستخدمها السلطة متى شاءت، مما يضعها في قفص الاتهام إن حدثت أعمال مادية مستقبلاً واتخذتها حجة لتبرير القمع.

 

وهنا نتساءل هل هذا هو الفلسطيني الجديد الذي أنتجه الجنرال دايتون؟! هل الفلسطيني الجديد يرى في ابن دينه وبلده بل في أهله وأقاربه أعداءً بينما يستأنس بالمحتل والأمريكي؟!

 

إن السلطة -وهي تحت الاحتلال ولا تملك أية سيادة- تفعل كل هذه الجرائم، فكيف لو كان لها دولة وكان لها سيادة ماذا عساها تفعل بالمعارضين لها ولسياساتها؟! ماذا عسى أن تفعل بالناس إن ثاروا على ظلمها؟! هل ستنصب لهم أعواد المشانق في الشوارع والساحات أم ستقصفهم بالبراميل المتفجرة أم ستهجرهم من أرضهم وديارهم؟! هل هذا هو المستقبل الذي تعدون به أهل فلسطين؟! ويل لكم مما كسبت أيديكم.

 

إن أهل فلسطين أمام منعطف خطير، أما أن يقبلوا بالخنوع لهذه السلطة الظالمة الفاجرة فيذوقوا الويل والثبور ولا تسلم لهم أرواح ولا أعراض ولا أموال، وإما أن يكونوا لها ولسياساتها ولتفريطها بالمرصاد، فيؤدوا أمانتهم ويحموا أبناءهم ويحققوا مفهوم الثبات الحقيقي على الأرض المباركة النابع من دينهم وإسلامهم، والذي يوجب عليهم إنكار المنكر وقول الحق والصدع به.

 

إن أهل فلسطين كانوا ولا زالوا بيضة القبان في هذه الأرض المباركة، فعليهم أن لا يستكينوا ولا يضعفوا، كما عليهم الحذر من المستعمرين وأدواتهم الذين يسعون دوماً لقطف ثمار تحرك الناس لصالح مخططاتهم ونفوذهم، فليكن تحرك أهل فلسطين تمسكاً بدينهم ورباطاً في أرضهم المباركة وحفاظاً على مسرى رسولهم صلى الله عليه وسلم ورفضا لكل مشاريع المحتلين والمستعمرين وأدواتهم، عسى الله أن يجعل لهم من ضيقهم مخرجاً ونصراً مبينا، خلافة راشدة قريبة تقيم الدين وتجييش الجيوش لتحرير كل فلسطين، وما ذلك على الله بعزيز.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)

٢٧-٦-٢٠٢١