يبدو أن المتابع لمجريات الأحداث في القضية الفلسطينية لا بد أن يصاب بالذهول أو الصدمة جراء المفاجئات المتتالية التي تحدثها السلطة، فمهما توقع المراقب والمتابع لها من تصرفات مشينة أو سقوط مدّوي في المخططات الغربية الاستعمارية فلا بد أن تفاجئه السلطة كل مرة بأفعالها القبيحة وتنازلاتها التي تعدّت المعقول إلى الخرافي !!
وآخر هذه المفاجئات هو حضور رئيس وزرائها سلام فياض مؤتمر "هرتسيليا" الاستراتيجي الذي يحدد السياسات الإستراتيجية والأمنية لكيان يهود، وكعادته في ابتذال الكلام، دعا فياض إلى إحلال السلام!!وسبقها كذلك تنازلات عباس عن اشتراطاته "المعلنة" لاستئناف المفاوضات مع يهود.
إنه لمن العار والشنار أن يكون أمثال هؤلاء حكام أو حتى شبه حكام لأناس يرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، بل إنه لمن العار أن ينتسبوا لأهل فلسطين أحفاد خالد وأبي عبيدة والفاتحين، فهؤلاء قد انحازوا لصف أعداء الأمة فكانوا جزءاً من سياسيات يهود وهم على الحقيقة لا المجاز يعملون كأجراء لدى أمريكا ويهود ولا يملكون من أمرهم من قطمير، فإذا شرّقت أمريكا شرّقوا وإذا غرّبت غربوا، وما الأخبار الملفقة التي تتناولها بعض وسائل الإعلام من أن ميتشل قد طالب دول الإتحاد الأوروبي بالضغط على عباس ليقبل بالرجوع إلى المفاوضات سوى تبريرات واهية يحاول رجال السلطة من خلال الإعلام تبرير التهاوي غير المسبوق لعباس وسلطته.
إن تصريح فياض بالقول "نحن ندرك الاحتياجات الأمنية لإسرائيل ولكننا نحتاج أيضا إلى الأمن" هو اعتراف مرة أخرى بأن مشروع السلطة هو موجود لتوفير الأمن ليهود، ولا يخفى على أهل فلسطين أن الأمن "الفلسطيني" الذي يقصده فياض هنا هو استتباب السلطة التي باتت في مهب الريح حتى تتمكن من تمرير المخططات الغربية الاستعمارية وتحقيق الأمن الذي يحلم هو ورئيس سلطته من خلاله بإنهاء عذابات يهود!!
إن أكذوبة توقف المفاوضات هي مجرد مسرحية هزيلة مخرجها هاوٍ لم يحظ بالتجربة من قبل، فأي مفاوضات هذه التي يتحدث عن استئنافها فياض وعباس؟! والاتصالات بين السلطة ورجالاتها وبين يهود لم تنقطع البتة؟! والتنسيق الأمني مستمر على قدم وساق؟! وملاحقة المخلصين من أبناء فلسطين والزج بهم في غياهب السجون ومحاكمتهم محاكمات مدنية أو عسكرية ملفقة عمل السلطة الذي لا ينقطع؟! فعن أي مفاوضات يتحدثون؟!