نقلت صحيفة السفير يوم الاثنين 1/2/2010 خبرا بعنوان: " أردوغان: على إسرائيل التفكير بخسـارة صداقـة تركيـا"، هدد فيه رئيس الوزراء التركي أردوغان، أنه وحكومته سيواصلان انتقاد إسرائيل وسياساتها طالما استمرت في ممارساتها الخاطئة، معتبرا أن "خسارة تركيا كدولة صديقة لإسرائيل هي مسألة يجب أن تفكر فيها إسرائيل جيدا". جاء ذلك في مقابلة لأردوغان مع شبكة يورونيوز. وبينما اتهم قادة يهود بعدم وجود "دبلوماسية" لديهم تجاه تركيا، أشار أردوغان في المقابلة إلى أن أنقرة بذلتكل ما في وسعها لإنجاح المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل.
***
إن حكام تركيا يؤكدون يوما بعد يوم أنهم لا يفقهون، اللغة التي تناسب الاحتلال، والتي مارسها خلفاء المسلمين مع كل محتل ومعتد على بلاد المسلمين، والتي تجسدها عبارة: "الجواب ما ترى لا ما تسمع"، وهي التي يتبعها تحريك الجيوش التي لا تبقى من الاحتلال شيئا ولا تذر. بل هم لا يريدون أن تكون مثل هذه اللغة في قاموسهم وتلك الأعمال في سجلاتهم.
فها هو أردوغان الذي انخدع به بعض المسلمين عندما أبدى بعض الغضب أمام رئيس كيان يهودي في مؤتمر دافوس قبل عام، ها هو يقرّ بأن "تركيا صديقة لإسرائيل" كما عبّر في المقابلة، فكيف يمكن أن يكون من يصادق دولة الاحتلال اليهودي مقبولا من أمة تمقت ذلك الاحتلال وتتشوف اليوم الذي تخلعه فيه من جذوره ؟ ومعلوم بداهة أن صديق عدوك هو عدو لك.
إذا كانت تركيا صديقة لكيان يهود وإذا كان أردوغان يذكّر يهود بهذه الصداقة، فكيف يصفق له مصفق من بين المسلمين ؟ وخصوصا من أبناء فلسطين الذين يقذفهم يهود بالفسفور الأبيض بعدما تخلّى عنهم حكام تركيا وبقية حكام المسلمين.
ثم إن أردوغان يحدد سقف تهديده، بأنه سيواصل الانتقاد لسياسات كيان يهود. أليس هذا هو العار بذاته ؟ أن يكون الانتقاد هو أقصى ما تفكّر به حكام تركيا، التي يقول عنها أنها "دولة لها تاريخ ممتد لمئات السنين"، في إشارة متكررة منه لعهد الخلفاء العثمانيين الذين يفاخر بهم في كلامه بينما يناقضهم في أفعاله، وينقلب عليهم في تبنّيه لعلمانية أتاتورك.
وكيف لعرّاب يعمل على مد جسور الالتقاء بين سوريا ودولة يهود أن يكون محل تقدير من أبناء المسلمين ؟ وهو يسعى لإنجاح المفاوضات التي تقضي بتمكين الاحتلال من أرض فلسطين، وجعل السلطان لهم على المسلمين فيها، وهو بذلك يتحدى قول الله سبحانه:
"وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا"
أليس هذا التفاوض مع كيان الاحتلال اليهودي هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ؟
لا شك أن أردوغان يشهد على نفسه بالخيانة وهو يقرر سعيه الباطل هذا، ويشهد على نفسه بأنه لا يفكر بالقيام بمسؤوليات تركيا لاسترجاع فلسطين بالجهاد، وهو يحدد سقف ردة فعله تجاه يهود بالانتقاد.
إن أردوغان يقوم بتمثيلية خبيثة على المسلمين وهو يحاول أن يكرر مأساة الأمة في خديعتها بحكام كانوا يعلنون العداء للمستعمر بينما هم في الحقيقة ينفّذون برامجه ويحققون مصالحه. وحقيق على الأمة أن لا تنطلي عليها مكائد أردوغان وحزبه الذي يسير ضد مصالح الأمة.
فلينتقد أردوغان ما شاء وقتما شاء، فإن الأمة ستخلعه وسترمي به في مزابل التاريخ، وعندها ستخاطب كيان يهود باللغة التي يفقهها كما خاطب خلفاؤها السابقون كل غاز ومعتد.
"وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ"