تعليق صحفي
في ظل شرع الله تعصم الدماء،وفي ظل سلطات الجور تنتشر الجريمة
في فاجعة مؤلمة، قتل في بلدة كفر عقب، شمالي القدس، ثلاثة شبان وأصيب آخرون في سياق شجار عائلي وقع في البلدة.
وهكذا يستمر نزيف الدم الحرام، في تعدٍ على حرمة عظيمة من حرمات الله قبل أن يكون تعديا على نفس معصومة، فتزهق الأرواح البريئة والأنفس الزكية، وكأنه لا يكفي المسلمين ما يحل بهم على أيدي أعدائهم، لتلغ أيدي البعض في دماء أهليهم وأنفسهم، مع أنه قد استقر عندنا نحن المسلمين ما عظم الله عزوجل في كتابه من حرمة للدماء (أنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)،وأن الله حرم قتل النفس بغير حق (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ)،وجعل عقوبة القتل في الآخرة عظيمة تقشعر منها الأبدان (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)،فكانت الدماء خطا أحمر لا ينبغي اختراقه، قال عليه الصلاة والسلام "لا يزالُ المرءُ في فُسْحَةٍ من دينِهِ ما لم يُصِبْ دمًا حرامًا".
إن هذه الجرائم التي باتت تطل برأسها القبيح بين الفينة والأخرى، في ظاهرة باتت خطيرة كما هي عواقبها خطيرة، وفي تساهل بات مخيفا مرعبا، ما كانت لتصبح ظاهرة وتنتشر لو كان شرع الله عزوجل مطبقا، وأحكامه نافذة، لأنه ليس حكم من أحكام الله يعطل إلا ويختل من حياة المسلمين جانب، وليس خلل في حياة المسلمين إلا وكان وراءه حكم من أحكام الشرع معطل، فكيف بنا وقد عطلت أحكام الشرع برمتها في ظل أنظمة لا تحكم بما أنزل الله، وتهيئ أسباب الفساد وترعى الجريمة،حتى انتشرت في بلاد المسلمين الجريمة كما انتشرت الرذيلة، ولعل المسلمين في هذه الأيام – في فلسطين كما في غيرها- باتوا يلمسون حاجتهم إلى تطبيق أحكام الله، فهي الزواجر وهي الجوابر، وفي القصاص فيها لهم حياة (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
أما وأنه غاب حكم الإسلام وسلطانه، وغابت في هذه الأيام أحكامه، وفي ظل كيان يهود المحتل الذي يتربص بنا الدوائر، وتسره دماؤنا التي تسفك على أيدي بعض منا أكثر مما يسره ما يسفكه هو من دماء، وفي ظل سلطة فاسدة مفسدة بقوانينها الوضعية وعاجزة حتى عن تطبيق تلك القوانين، تلك السلطة التي لا تنكأ عدوا ولا تردع مجرما، وهي التي أشغلت نفسها وادخرت قواها للصدام مع الناس وتنغيص معيشتهم، فإن المسؤولية الآن ملقاة على رجال البلد من أهل فلسطين، من العقلاء وأهل الراي ورجال الإصلاح، رجال الأرض المباركة، وهم الذين لطالما حملوا همّأهليهم وأبنائهم وأمتهم، مسؤولية ملقاة على عاتقهم في أن يبادرواإلى حل مشكلات الناس وحقن دمائهم، وفق شرع الله وبالعدل والإنصاف، وأن يغلظوا هذه الدماء ويعظموا حرمتها، و أن يتدارسوا أسباب ازدياد هذه الجرائم لقطع دابرها، وأن يسعوا فيما ما استطاعوا إليه سبيلا للقضاء على هذه الظاهرة التي باتت تحصد الأرواح وتهدد سلم الناس وأمنهم، و تنذر بالعواقب الوخيمة.
ونسأل الله عزوجل أن يمن علينا بسلطان للإسلام قريب يحكم فيه بالشرع ويقام العدل وما ذلك على الله بعزيز.
3-1-2021