تعليق صحفي

السلطة، بإتباعها سياسة الإغلاق الشامل، تضيف إلى الأزمة الصحية أزمات لا تقل خطورة عنها!

أعلن رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية قرار الحكومة ضمن الإجراءات المتخذة لمواجهة انتشار فايروس كورونا بإغلاق أربع محافظات إغلاقا تاماً لمدة أسبوع اعتباراً من يوم الخميس المقبل، والإغلاق سوف يشمل محافظات الخليل ونابلس وطولكرم وبيت لحم اعتباراً من السابعة مساء من يوم الخميس المقبل وحتى الخميس الذي يليه 17/12 وكذلك تقرر منع الحركة بين جميع المحافظات ضمن ذات الفترة.

لقد بات تخبط السلطة في التعامل مع أزمة كورونا كابوساً يؤرق أهل فلسطين، وسياسة غير مسؤولة قد تعصف بما تبقى من الاقتصاد، حيث أن سياسة الإغلاق الشامل تشلّ الحياة وتدّمر الاقتصاد دون أن تشكل حلاً للأزمة الصحية الحالية، وحتى منظمة الصحة العالمية على تخبطها كانت واضحة فأعلنت في شهر حزيران على لسان الدكتورة ماريا فان كيروف، وهي اختصاصية وبائيات الأمراض المعدية في منظمة الصحة العالمية، أنها لا توصي بالإغلاق الشامل، فقالت كيروف "فقط لنوضح الأمر، نحن لا نوصي باستخدام إجراء مثل الإغلاق الشامل، فالإغلاق الشامل عبارة لا نستخدمها في منظمة الصحة العالمية، وفي المقابل نحن نتحدث عن الإجراءات الاجتماعية، وهناك العديد من أوجه التدخل الأخرى للتعامل مع كورونا"، وبينت كيروف أن فرض إجراء الإغلاق الشامل في العديد من الدول كان بسبب أن قدراتها تعرضت للضغط، وكانت بحاجة للوقت للتأهب مثل توفير أسرّة في المستشفيات.

ورغم أن السلطة قد أتيح لها الوقت الكافي مع بداية الأزمة في الربع الأول من العام لتطوير القطاع الصحي المهمل منذ عقود، ومع وجود إمكانية إحداث تغيرات حقيقية تتناسب مع وجود أزمة صحية عالمية وتتلاءم مع توقعات الأطباء والخبراء بازدياد انتشار المرض في الربع الأخير من العام مع دخول فصل الخريف والشتاء، إلا أن السلطة أبت إلا أن تفوت تلك الفرصة التي كانت على حساب أهل فلسطين وما نالهم من خسائر اقتصادية كبيرة جراء الإغلاقات السابقة، وبقي القطاع الصحي يراوح مكانه، وبقيت البنية التحتية الصحية على ما هي عليه من ترهل وضعف وقلة إمكانيات! والآن تريد السلطة أن تعالج تقصيرها بإغلاق جديد مع التخلي عن الناس وتأمين عيشهم!!

إن الوضع الاقتصادي في فلسطين يعاني الكثير ولا يحتمل المزيد من التخبط والإغلاقات، حيث توقع البنك الدولي في أحدث تقرير له أورده في نهاية شهر أكتوبر أن تصل نسبة الانكماش في الاقتصاد الفلسطيني إلى 8% مع نهاية العام وذكر التقرير أن 121 ألف شخص فقدوا وظائفهم في الربع الثاني من العام فقط مع تفشي الجائحة، منهم 96 ألفاً في الاقتصاد الفلسطيني نفسه خصوصاً في قطاعي السياحة والبناء، وفي تقرير سابق حذر البنك الدولي في شهر حزيران من تضاعف نسبة الفقر في الضفة الغربية بفعل تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا، وتوقع البنك الدولي في تقريره "ارتفاع عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر إلى 30% في الضفة الغربية وإلى 64% في غزّة وذلك بعد أن كانت قبل تفشّي وباء كورونا 14% في الضفّة الغربية 53% في غزّة".

وبقراءة المعطيات الحالية يظهر أن السلطة بقراراتها الأخيرة لا تريد مواجهة الأزمة بالتركيز على تطوير القطاع الصحي ورعاية الناس وإنما تريد اتباع ذات السياسات السابقة التي سوف تدمر ما بقي من الاقتصاد وتزيد نسبة الانكماش والفقر والبطالة خاصة وأن السلطة لا تحاول تحفيز الاقتصاد ودعمه كما هو الحال عند من يتبعون سياسة الإغلاق الشامل بل هي مستمرة في أخذ المكوس من ضرائب وجمارك بشكل يثير عشرات علامات الاستفهام عند الناس؛ هل ما يحصل تقصير وتخبط عشواء وتهرب من المسؤولية؟ أم هو سياسة مقصودة لتجويع أهل فلسطين وتركيعهم ليقبلوا بالمشاريع والحلول الغربية مستقبلا؟! وهذا يوجب على أهل فلسطين اليقظة والحذر ومحاسبة السلطة ورفع الصوت في وجهها وفي وجه إجراءاتها العبثية في التعامل مع الأزمة.

7-12-2020