تعليق صحفي

لا قيمة للضعفاء في ظل الرأسمالية الجشعة! ولا لقاح للفقراء ضد (كوفيد 19!)

 

ذكر تقرير لموقع "سالون" (Salon) الأميركي أن البلدان الغنية اشترت أكثر من مليار جرعة من لقاح شركة "فايزر" (Pfizer) الأميركية وهو ما يمثل 82% مما أعلنت الشركة أنها ستنتجه من جرعات قبل نهاية العام 2021، وحذر نشطاء بريطانيون من أن هذا الأمر يترك أغلبية الدول الفقيرة دون إمكانية للحصول على اللقاح.

 

وذكر تقرير الموقع الأميركي أن "فايزر" باعت للولايات المتحدة 100 مليون جرعة، مع خيار لشراء 500 مليون أخرى، بينما اشترت المملكة المتحدة 40 مليون جرعة، والاتحاد الأوروبي 200 مليون جرعة، مع خيار لشراء 100 مليون جرعة أخرى.

 

وخلصت دراسة لجامعة ديوك الأميركية (Duke University) نشرت قبل أيام، إلى أن مليارات من سكان الدول الضعيفة والمتوسطة الدخل ربما لن يتم تطعيمهم بلقاحات مضاد لكورونا إلا في عام 2023 أو في 2024، وأشار باحثون في الجامعة إلى أن مسارعة الدول الغنية لشراء حصة الأسد من لقاحات الفيروس المستجد، تخلق تفاوتاً عميقاً في توزيع اللقاح بشكل عادل على المستوى العالم.

 

يسلط هذا التقرير الضوء على مدى جشع الرأسمالية وأنانيتها وأنها لا تقيم وزنا سوى للمال، وأن كل دولة تحاول الحصول على حصة الأسد من اللقاح ليس حباً في البشر وحرصاً على حياتهم، وإنما حرصاً منها للإبقاء على حياة شعوبها حفاظاً على مصلحة الدولة التي ببقائها يُحفظ النظام الرأسمالي ويُطبق ليخدم فئة الرأسماليين وأباطرة المال، ولو كان الهدف الحفاظ على البشرية لتم توزيع اللقاح على أسس علمية ومعطيات صحية تحدد مدى حاجة كل دولة دون أن تحرم غيرها وتمنعها من انقاذ نفسها على حساب غيرها فتعطي مثلاً اللقاح لأناس يستطيعون مواجهة المرض من الأطفال والشباب في دولها وتترك غيرهم من الكبار وأصحاب الأمراض المزمنة يواجهون المرض بلا لقاح أو علاج في بقية العالم!! أو تخزنه في المستشفيات والمخازن وتترك غيرهم بلا جرعات لقاح!! أو تخزنه من باب الاحتياط وغيرها يشهد تفشيا واسعا للمرض!!

 

ويكشف كذلك التقرير مدى المتاجرة بحياة البشر حرصاً على المال، فبدل أن تُوزع آلية إنتاج اللقاح وتكويناته على المختبرات والمصانع ليتم إنتاجه بكميات ضخمة تغطي العالم وتوفره خلال أقصر فترة زمنية ممكنة، يتم الاحتفال بالحصول على براءة الاختراع واحتكار اللقاح وآلية تصنيعه ومنع تقليده، وذلك لتحقق الشركات والدول التي ترعاها أكبر قدر ممكن من الأرباح ولو كانت الفترة اللازمة لتغطية العالم أربع سنوات!!

 

لقد ألغت الرأسمالية جميع القيم بما فيها القيمة الإنسانية والأخلاقية والروحية وأبقت على قيمة واحدة وهي القيمة المادية، ولذلك لا يستغرب من الدول الرأسمالية المتاجرة بحياة الناس استغلال أزمة كورونا لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية آنية أنانية والمقامرة بالشعوب والاستثمار في أزمة عصفت بهم وفضحت مدى ضعفهم وقلة حيلتهم وجعلتهم يتخبطون خبط عشواء؛ تارة يضحون بالبشر حفاظا على الاقتصاد وتارة يحافظون على البشر حفاظاً على الدولة والاقتصاد!! فلا قيمة للناس في أعينهم إلا من منظورهم الاقتصادي.

 

وإزاء هذا الجشع واللا إنسانية فإنه لا خلاص للبشرية مما هي فيه من مادية نفعية مقيته وأنانية متوحشة إلا بإقامة دولة الخلافة لتحكم العالم بمبدأ الإسلام الذي يحفظ القيم الإنسانية والأخلاقية ويسعى لإنقاذ البشرية جمعاء مما هي فيه من ضنك وضلال وظلام، فيغيث الملهوف ويقدم المساعدة للمحتاج، وما إرسال الدولة العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر في ظل حكم السلطان عبد المجيد الذي لقب "بناصر المظلومين" المساعدة لإيرلندا فيما عرف بـ مجاعة ايرلندا الكبرى أو مجاعة البطاطا التي فتكت بمئات الآلاف وهجرة الملايين هربا من الجوع على مرأى ومسمع من بريطانيا التي فاقمت من أزمتهم بل وحاولت منع الدولة العثمانية من تقديم المساعدة لهم لتركيعهم وإذلالهم، إلا نموذجا مصغرا لما تحمله الخلافة من خير ورحمة البشرية جمعاء.

(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)

16-11-2020