تعليق صحفي

الانتخابات الأمريكية...تبدلت الوجوه والقلوب واحدة!

هنأ قادة دول عربية، مساء السبت، المرشح الديمقراطي جو بايدن، إثر إعلان وسائل إعلام أمريكية، فوزه في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة.

إن من السذاجة والتسطيح ما يجري تداوله بين البعض من السياسيين والمفكرين والعوام من أن هناك نهجا سياسيا أو مستقبلا سياسيا مختلفا فيما يتعلق بقضايا العالم، ومنه قضايا العالم الإسلامي، من قبل الإدارة الأمريكية القادمة بقيادة جو بايدن والحزب الديمقراطي.

والسبب في اعتبار ذلك سذاجة وتسطيحا إن لم يكن تضليلا مقصودا -وهو كذلك من قبل كثيرين- يعود لعدة أسباب:

أولاً: إن قادة وحكام أمريكا مهما كان حزبهم، جمهوريا أو ديمقراطيا، أو لونهم، أبيض أو أسود، هم مؤمنون بالمبدأ الرأسمالي، ومخلصون لمصالحهم الاستعمارية ومصالح بلادهم، فهم ليسوا عملاء كحكام المسلمين، تتغير سياساتهم بتغير سادتهم وتبدل الأوامر، بل كلهم يقاتلون من أجل مصالح بلادهم ويناضلون في سبيل مبدئهم ويجمعهم حب بلادهم ومصالح بلادهم والإيمان بمبدئهم الرأسمالي القائم على الاستعمار ومص دماء الشعوب وتسخير العالم والحكام العملاء لهم لخدمة وتنفيذ مخططاتهم.

ثانيا: إن أمريكا دولة مؤسسات وصناعة القرار فيها تكون من خلال جهات عدة، وليس شخص الرئيس أو قاضي المحكمة العليا أو مدير المخابرات فحسب، بل الرئيس الأمريكي ومعه كل مؤسسة البيت الأبيض بما فيه من معاونين ومستشارين ومبعوثين وكبار الموظفين هم جزء من صنّاع القرار، ومعهم مؤسسة البنتاغون بكل مكوناتها الحيوية وقادته، ووزارة الخارجية ومؤسسة الأمن القومي، ومجلسي النواب والشيوخ، ودائرة القضاء والمحكمة العليا، ودوائر ومؤسسات التحليل والرصد والدراسات، والرأسماليين وأصحاب الشركات الكبيرة المتنفذين، وغيرهم. فأمريكا ليست دولة شخص الرئيس أو حتى ما يسمى بالدولة العميقة، بل دولة مؤسسات لا تتغير سياساتها بتغير شخص أو مؤسسة كاملة كمؤسسة البيت الأبيض، وإن كانت تتأثر بمقدار وزن البيت الأبيض كله في سياسة البلاد.

ثالثا: إن هناك توافقاً بين كل السياسيين وصنّاع القرار على مصالح البلاد العليا والخطط الاستراتيجية، والاختلاف إنما يكون في الوسائل والأساليب وشكل الإخراج وبعض التفاصيل، فالاستعمار ومص دماء الشعوب وخيراتها فكرة مقدسة لديهم جميعا، ولكن أيكون ذلك بسياسة العصا أم الجزرة أم العصا والجزرة معا، أو بسياسة الخداع والقوة الناعمة، أو بالقوة الخشنة والغطرسة، وهذا ما يكون محل اختلاف وتفاوت بين رئيس وآخر وإدارة وأخرى.

رابعا: فيما يتعلق بقضايا المسلمين، ومنها قضية فلسطين، فعداء الغرب كله ومنه قادة أمريكا للإسلام والمسلمين عداء عقدي وفي الصميم، وهم كلهم، وتلك حقيقة قرآنية وواقعية، يتربصون بالإسلام والمسلمين الدوائر ويمكرون بالأمة لإدامة إبقائها تحت الاستعمار، وللحيلولة دون استعادة الأمة لسلطانها وحقوقها، ولمنع عودة الإسلام إلى سدة الحكم.

أما بخصوص قضية فلسطين، فإن صنّاع القرار الأمريكي يعتبرون كيان يهود وأمنه مصلحة استراتيجية لبلادهم، وهم متفقون على تصفية القضية لصالح يهود، ولا يظهر الخلاف إلا في تفاصيل، لا ينظر لها إلا المرتزقة وأصحاب المشروع الاستثماري المسمى بالسلطة الفلسطينية وبعض الأقزام من حكام المسلمين أصحاب العروش المهترئة، أما الشرفاء وأصحاب المبادئ فلا يرون فرقا ولا يلمسون اختلافا؛

فبايدن، على سبيل المثال، كان شريك أوباما في قتل المسلمين في الشام، وكان مؤيدا لعدوان أمريكا على العراق، وهو صاحب مقولة "لو لم تكن اسرائيل قائمة لأوجدتها"، وهو صاحب تاريخ يمتد لعقود في خطط أميركا وحربها للإسلام والمسلمين.

لذا فعلى الأمة أن تدرك أعداءها، فليست بالخب ولا الخب يخدعها، وألا تركن للكافرين، وألا تنخدع بمعسول كلامهم، بل تتمسك بحبل الله المتين وتحزم أمرها وتستعيد سلطانها وتقيم خلافتها، وحينئذ فقط تقود البشرية وتكون في طليعتها ولا تكون في ذيل القافلة.

(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)

2020-11-8