تعليق صحفي
الرد على حذف فلسطين من موقع وزارة الخارجية الأمريكية يجب أن يكون وفق الأحكام القرآنية لا وفق المشاريع والمحافل الغربية
اعتبرت الجامعة العربية حذف وزارة الخارجية الأمريكية اسم فلسطين من قائمة تعريف المناطق في الشرق الأوسط على موقعها الإلكتروني الأحد الماضي بأنه "إجراء عدائي جديد يُضاف إلى سلسلة طويلة من الإجراءات العدائية الأمريكية التي تهدد بتصفية القضية الفلسطينية"، وشددت على أنها "ستتصدى لهذه الإجراءات في المحافل الدولية كافة"، وكانت وزارة خارجية السلطة الفلسطينية قد استنكرت هذا الإجراء وأعلنت أن حذف الخارجية الأمريكية الإشارة للأراضي الفلسطينية وللسلطة من موقعها الإلكتروني "لا يلغي وجود دولة فلسطين على حدود الأرض المحتلة منذ العام 1967".
إن ما أقدمت عليه الخارجية الأمريكية لم يدع مجالا للشك في حجم المكر الذي تمكره الولايات المتحدة بقضية فلسطين، خاصة في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي يهيئ الأرضية يوماً بعد يوم لتنفيذ صفقته المشؤومة -صفقة القرن- من خلال الإجراءات المتتالية وليس أخرها قرار وزارة الخارجية محل الذكر، وأيضا من خلال تقديمه الهدايا لنتنياهو للسير ضمن صفقته الهادفة للقضاء على قضية فلسطين وتصفيتها لصالح كيان يهود، ورغم ذلك كله ما زلنا نرى هذه المواقف المخزية والمكررة من جامعة الدول العربية ومن السلطة الفلسطينية وتأكيدهم أن الرد سيكون من خلال اللجوء للمحافل الدولية ومن خلال الإصرار على التمسك بمشروع حل الدولتين الأمريكي الذي استبدلته الولايات المتحدة وبدأت تدوسه بقراراتها شيئاً فشيئاً {فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}!.
إن تمسك السلطة والجامعة العربية إلى هذه اللحظة بمشروع حل الدولتين الخياني وهم يرون رؤى العين الولايات المتحدة تتخلى عنه وتستبدل به مشروعا آخر أكثر إجراماً من سابقه ليبين قالب العمالة الضيق الذي وُضِعَت فيه هذه السلطة وتلك الجامعة وقبلوا به حتى أضحوا لا يستطيعون التحرك ولو داخل نفس القالب، وهو درس لكل من كان يعول على السلطة والحكام وعلى تحركهم ليوقن أنه كان يعول على سراب، فمن يصنعه العدو ويجعله أداة حادة في يده لن يجرح إلا من يقف في وجه صانعه ومخططاته، وهذا ما حصل فإن فقدت تلك الأداة حدتها استبدلها العدو بأداة أخرى أو أعاد شحذها ليجرح ويمزق بها من جديد جسد أمة الإسلام ويثخن في قضاياها.
أما كيفية الرد على هذا القرار فإن الإجابة موجودة في كتاب الله، فهذا القرار وإن كشف وبيّن حجم المكر الأمريكي بقضية فلسطين ومدى انحيازهم ووقوفهم إلى جانب كيان يهود الغاصب مصداقاً لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} إلا أن ذلك لا يغير من الحقيقة القرآنية الشرعية بحق قضية فلسطين شيئا، فهي أرض إسلامية فتحها الفاروق رضي الله عنه ودافع عنها وحررها المسلمون الأبطال من بعده ورووها بدمائهم، وتحريرها الآن واجب على أمة الإسلام وأهل القوة فيها وهذا أمر لا يتبدل ولا تغيره قرارات دولية ولا أمور واقعية ولا ذرائع وهمية ولا قوى عالمية وإنما تعمل على تأخيره أنظمة علمانية عميلة للغرب في بلاد المسلمين يجب إسقاطها وإقامة دولة الإسلام على أنقاضها وتنصيب قائد مخلص يقود المسلمين لتحرير فلسطين كاملة وإعادتها إلى حضن الأمة الإسلامية عمليا وواقعيا وليس على المواقع الإلكترونية والخرائط الجغرافية {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)}.
28-8-2019