تعليق صحفي
أمريكا تدّعي "حقوق الإنسان" بينما تسعى لحرمان المهاجرين من الصابون والغذاء والدواء!
أكدت محكمة استئناف أميركية أن الغذاء المناسب والصابون ومعجون الأسنان جزء من شروط "السلامة والعناية الصحية" التي يفترض أن يضمنها القانون للأطفال المهاجرين في مراكز احتجازهم، وذلك في رد على طلب طعن تقدمت به وزارتا الداخلية والعدل الأميركيتان لقرار حول شروط استقبال هؤلاء القاصرين، حيث ترى الحكومة الأمريكية أن واجب ضمان "السلامة والعناية الصحية" لا يشمل بالضرورة شروط نوم القاصرين المحتجزين ولا تأمين معدات للعناية الصحية لهم.
وكانت عمليات تفتيش جرت في مختلف مراكز احتجاز المهاجرين التابعة للشرطة على الحدود كشفت أن المهاجرين يعانون ظروفاً وصفت بأنها غير إنسانية، منها اكتظاظ المراكز ونوم محتجزين على الأرض ومراحيض دون أبواب ودرجات حرارة منخفضة جداً، ووثقت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية في يونيو/حزيران الماضي وجود أطفال في تكساس دون مرافقين بالغين "لا يتمكنون من الاستحمام بانتظام ولا يحصلون على ملابس نظيفة" وقالت إن بعض هؤلاء لم يستحموا "منذ أسابيع" ويعانون من القمل.
هذا هو الوجه الحقيقي للرأسمالية المتوحشة التي لا تنظر للإنسان إلا وفق النظرة المادية النفعية المجردة من الإنسانية، فإذا رأت تلك الدول نفعاً من إيواء اللاجئين فعلت، وإن رأت غير ذلك حرمتهم من الغذاء والصابون والنوم وتركتهم فريسة للجوع والبرد والمرض والغرق، وهذا أيضاً هو الوجه الحقيقي للولايات المتحدة التي تُنَظِّر على العالم في مجال حقوق الإنسان وهي أول من تنتهك تلك الحقوق وتدوسها بأقدامها فتقفل الحدود في وجه شعوب شردتهم حكومات فاسدة تدعمها الولايات المتحدة، فيهلك من هلك على الحدود ومن أفلت واجتازها فتضعه في سجون تسمى مراكز إيواء ليس فيها نوم ولا غذاء ولا دواء!!
في ظل إدارة ترامب يتضح بشكل أكثر فأكثر حقيقة الوجه البشع لأمريكا، ليس فقط بحق البشرية في آسيا وإفريقيا أو بحق المسلمين في الشام والعراق وفلسطين أو بحق المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة بل حتى بحق المهاجرين الشرعيين -الحاصلين بالفعل على إقامة دائمة أو ما يعرف بالبطاقة الخضراء (غرين كارد) أو من يسعون للحصول عليها- فقد قررت إدارة ترامب بدءاً من منتصف أكتوبر/تشرين الأول القادم تطبيق قواعد جديدة من شأنها رفض منح بطاقات الإقامة الدائمة للمهاجرين الشرعيين الذين يستخدمون الإعانات الطبية أو بطاقات الطعام أو السكن المدعوم أو غير ذلك من أشكال المساعدة الحكومية.
هذه الحقائق ليست سوى نزر يسير تفضح حقيقة الوهم الذي يعيش فيه من لا يزال يعول على الولايات المتحدة ومبدئها العفن في النهوض والخلاص من الأزمات من فقر وجوع وتشريد، وهي كذلك دلائل تبين أن أمريكا بعد أن غرست أنيابها في شعوب العالم ها هي تغرس أنيابها في جسد مواطنيها وحملة بطاقتها خدمةً لأصحاب رؤوس المال، كما بين ذلك القائم بأعمال رئيس إدارة الهجرة الأميركية كين كوتشينيلي بكل صراحة حيث قال: "إن إدارة ترامب تحاول حماية دافعي الضرائب من خلال ضمان ألا يصبح الأشخاص الذين يهاجرون إلى هذا البلد عبئاً (على الأمة)"، وهذا السقوط الاخلاقي ينبئ بقرب سقوط هذه الدولة وسقوط المبدأ الرأسمالي العفن الذي اكتوت البشرية بناره.
إن نظام الإسلام يمثل خلاصا للبشرية مما تعانيه، فهو نظام من لدن حكيم خبير، وهو يوجب على الدولة أن توفر المأكل والمسكن والعمل والإيواء والدواء لمن يعيش ضمن سلطانها بغض النظر عن عرقه أو دينه أو لونه، لأنه نظام يعامل الإنسان بوصفه إنسان وليس سلعة ومحل استثمار واستغلال.
18-8-2019