تعليق صحفي

هل تنجح أمريكا في تصفية قضية فلسطين عبر صفقتها؟

 

قال جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض إنه سيتم الكشف بعد انتهاء شهر رمضان في حزيران/يونيو عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكسر الجمود من أجل إيجاد حل للصراع بين كيان يهود والفلسطينيين. (رويترز - بتصرف)

تسعى الإدارة الأمريكية الحالية جاهدة لتصفية قضية فلسطين بوصفها عائقا أمام مخططاتها للمنطقة، وحرصا منها على أمن كيان يهود وفق رؤيتها، إلا أن مساعي أمريكا وصفقتها - بغض النظر عن تفاصيلها الحقيقية - محكوم عليها بالفشل للاعتبارات التالية:

1.            إن الإدارة الأمريكية قد سطحت القضية وجعلتها أشبه بالصفقة التجارية، وهو سلوك يزيد من تعقيدها ولا يمكن أن يؤدي لحل وفق ما تريده القوى الاستعمارية، وما عجز عنه دهاقنة السياسة الأمريكية طوال عقود مضت لن ينجح به رئيس أرعن أو مستشار غرّ في السياسة.

2.            إن قضية فلسطين هي قضية عقدية لدى الأمة الإسلامية، والأمة بموروثها الثقافي لا يمكن أن تتنازل عن شبر واحد من بلاد المسلمين، فكيف لو كانت هذه البلاد هي الأرض المباركة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لذلك فلا صفقة ترامب ولا حل الدولتين ولا المبادرة العربية ولا غيرها قادرة على نزع الصفة الإسلامية عن كل فلسطين بعسقلانها وصفدها وتل ربيعها، مهما تنازل الحكام الأتباع ورضوا بالخنوع والتفريط.

3.            طوال عقود خلت من السعي الغربي لوضع حلول للقضية، ورغم سعي المستعمرين للحفاظ على كيان يهود وفق منظورهم، لأنه قاعدة متقدمة لهم في بلاد المسلمين وخنجرا مسموما في خاصرة الأمة، إلا أن تلك الحلول دائما ما اصطدمت مع يهود، لأن قادة هذا الكيان المسخ وفي ظل انبطاح وتآمر الحكام والأنظمة يرون الواقع الراهن أفضل من أي حل مهما كان شكله أو اسمه، ولما حاول رابين المضي فيما يسمى بعملية السلام كان مصيره القتل. والشارع اليهودي اليوم أكثر يمينية وتشددا مما كان عليه من قبل. ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾.

4.            لقد أثبتت الأحداث أن الاتفاقيات التي أبرمها الحكام مع كيان يهود لم تتعداهم إلى الشعوب، وبقيت الشعوب تتطلع لفلسطين على أنها محتلة، وبقيت ترى في كيان يهود كيانا محتلا، فلا اتفاقية كامب ديفيد ولا وادي عربة ولا أوسلو استطاعت تسويق هذا الكيان، لذا فمهما كانت نتائج هذه الصفقة فلن تغير من الواقع شيئا ولن يستطيع ترامب أن يحدث فجوة في التاريخ والجغرافيا والثقافة، لا سيما مع تنامي الوعي لدى الأمة واستحضارها لفلسطين في ثورتها ضد الحكام العملاء، وثوار الجزائر شاهد على ذلك.

لذلك وغيره، فصفقة ترامب محكوم عليها بالفشل، هذا إن لم تولد ميتة. ومع ذلك، ورغم الاعتبارات المذكورة أعلاه، فإنه لا يسقط عن كاهل الأمة وقواها واجب التحرك لإفشال صفقة أمريكا وحل الدولتين وجميع الحلول التصفوية، كما لا يسقط عن جيوشها واجب التحرك لتحرير فلسطين كاملة من رجس المحتلين.