logohtp2

الاثنين، 10 جمادى الآخرة 1447 هـ                       01/12/2025 م                 رقم الاصدار: ب/ص- 10/1447

بعد قرار كيان يهود تحويل صلاحيات إدارة المسجد الإبراهيمي من بلدية الخليل إلى (المجلس الديني اليهودي في كريات أربع)، وبعد رفض الكيان الاعتراض المقدم من بلدية الخليل على القرار، وما رافقه من قرار بتحويل الساحة الداخلية للمسجد الإبراهيمي إلى ساحة عامة، وما يضاف إلى ذلك من جمعيات يهودية تعمل على شراء البيوت في مدينة الخليل، فإن قلب مدينة الخليل، والمسجد الإبراهيمي صميم ذلك القلب، باتا يهوّدان تحت سمع العالم وبصره، وتحت سمع الأمة الإسلامية وبصرها كما يهوَّد مسرى نبيها ﷺ وما حوله.
لقد تم وضع اليد على المسجد الإبراهيمي بعد اتفاقية أوسلو، وخصوصا بعد مذبحته عام 1994 حيث أفرز الكيان عقبها لجنة "شمغار"، التي قسمت المسجد بين أهله من المسلمين وبين اليهود الغاصبين، وأعطت المسلمين ثلثه ولليهود ثلثين، لتكون تلك جائزتهم على المذبحة التي اقترفوها في المسجد، ثم جاءت منظمة التحرير عام 1997 وأقرت بروتوكول الخليل التابع لاتفاقية أوسلو الخيانية، والتي قسمت المدينة بموجبها إلى منطقتيH1 وH2، الأمر الذي أدى إلى تمهيد سيطرة اليهود على الجزء الجنوبي من مدينة الخليل والبلدة القديمة ومنها المسجد الإبراهيمي.
إن من العجيب ألا يهاجم بروتوكول الخليل المشؤوم، ويتم تجاهله، وهو الذي أعطى السيادة للاحتلال على قلب مدينة الخليل وعلى المسجد الإبراهيمي، ويكتفى بالهجوم صوب محاكم الاحتلال يراد منها إنصافاً، ونحو الأمم المتحدة التي غضت الطرف عن كل جرائم الكيان المجرم إلا ببعض الشعور لديها بالقلق، ليخرج مجلس أمنها أخيرا بقرار وصايةٍ أمريكيةٍ على غزة وإعطاء صلاحيات مطلقة لليهود في فعل ما يشاؤون.
نعم إن من العجيب أن تتوجه الجهات والمؤسسات لتطالب الجلاد نفسه بإنصافنا، وإرجاع مساجدنا ومقدساتنا، ولا تصرخ في وجه من وقع اتفاقية أوسلو ثم بروتوكول الخليل، بأنه هو أس البلاء الذي بدأ مع اتفاقيات الخيانة تلك لأرض الإسلام والمسلمين، وبأن أقل القليل، وإن كان لا يجبر جريمة التنازل عن أرض فلسطين والتفريط في مقدسات المسلمين، هو الإعلان عن نبذ كبيرة "أوسلو"، والتبرؤ من كل الخطايا التي تبعتها وبنيت عليها من الاتفاقيات التي تتنازل عن معظم الأرض المباركة فلسطين، والتي يستخدمها الاحتلال من أجل شرعنة نفسه، حتى إذا تعارضت مع مخططاته وضعها تحت أقدامه.
أيها المسلمون: لقد أصبح المسجد الإبراهيمي كنيساً يهودياً يقيمون فيه طقوسهم الباطلة، وإن التصدي لإجراءاتهم لا يكون فقط بدعوة المسلمين إلى الصلاة فيه، بل يكون بالإنكار على السلطة جرائمها، وعلى رأسها جريمة "أوسلو"، والمطالبة بإلغائها وتوابعها، حتى نعيد القضية إلى أصلها ومربعها الأول، وهو "أن هناك أرضاً محتلة لا شرعية للكيان عليها، وأن على الأمة الإسلامية الدفاع عن مقدساتها، فالمسجد الإبراهيمي مثل المسجد الأقصى من المقدسات الإسلامية، وهي ليست "تراثاً فلسطينياً"، بل هي إرث لأمة تنتسب إلى سيد الخلق محمد ﷺ، وهي صاحبة القضية، وجهة الدعوة الصحيحة ووجهتها لتقوم بواجبها، لا تلك الجهات الدولية التي أسست الكيان وغطت جرائمه على مدى قرن من الزمان، عوضا عن محاكم الكيان نفسه".
إن كل تفكير في حل قضية فلسطين خارج أروقة الإسلام وبغير أيدي المسلمين هو تضييع للقضية دون طائل، وتشريع للمغتصب، وهو تضييع آنيّ يَسِمُ صاحبه بالخيانة، ويصمه بعار الدهر والخزي في الدنيا والآخرة، وأما إجراءات يهود كلها، فما كانت ليكون لها وجود وأثر، ولو أقرهم عليها العالم أجمع، لولا أن الأمة وجنودها تأخرت عن واجبها نحو مقدساتها من المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي وبقية الأرض المباركة، وتباطأت بالذود عن أعراض أهلها ودمائهم، ولكنه بإذن الله تأخُّر لن يطول، بل لعل الأمة الآن تتحفز للسير نحو فلسطين، يزيد من دافعيتها ما تراه كل يوم من يهود وهم يتجرؤون على البلاد والعباد أكثر، وإن ثورة في الأمة على من خانها وخذلها قادمة قريبا بإذن الله، لتعفو الكيان وأثره، ولتطهر المساجد والبلاد من رجسه، وتطهر الأمة من أدران الخونة الذين خانوا الله ورسوله وأرض فلسطين المباركة، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في الأرض المباركة فلسطين