الاربعاء، 25 جمادة الاولى 1445هـ 09/12/2023م رقم الإصدار: ن /ص – 1445 / 10
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية، الجمعة، حق النقض (الفيتو) خلال تصويت في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار تقدمت به الإمارات يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، حيث صوتت لصالح القرار الذي نقضته أمريكا 13 دولة بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت.
لم تأت أمريكا في تصويتها بالفيتو على وقف إطلاق النار، بجديد، بل جاءت بتأكيد، على أن كيان يهود على شدة إجرامه إنما هو خطيئة من خطاياها وإثم من آثامها، فسفك الدماء الزكية الذي يقوم به هذا الكيان المجرم إنما هو بأسلحة أمريكية وأموال أمريكية وتغطية أمريكية، والفيتو هو استمرار للجريمة والإبادة بقرارات أمريكية، وهكذا هي أيادي أمريكا ملطخة بدماء المسلمين، أينما ذهبت وحيثما حلت.
إنّ أمريكا إنْ صمتت فصمتُها ظلم، وإنْ نطقت فنطقُها كفر، وإن تحركت أهلكت الحرث والنسل، وإن ما تقوم به من جرائم سواء بأيديها أو بأيدي شركائها وربيبتها كيان يهود، إنما هي بالعادة مقدمات لما يليها من مشاريعها المهلكة، وتهيئة لمخططاتها الخبيثة، فخططها السياسية وتحركاتها الدبلوماسية ليست أقل خطرا من سفكها الدماء، فكل ذلك يخرج من مشكاة واحدة، لا فرق بين دعمها كيان يهود بالسلاح والقنابل، وبين الفيتو الرافضِ وقفَ إطلاق النار، وبين حل الدولتين الخبيث الذي تسعى له لتصفية قضية الأرض المباركة، وتأمين كيان يهود بذلك الشيء المنزوع السلاح والمقومات والكرامة المسمى "دولة فلسطينية".
هذه هي أمريكا التي يراهن عليها ويأتمر بأمرها الأذلاء؛ حكام العرب والمسلمين، وهذه هي طبيعة مؤسساتها الدولية كمجلس الأمن والأمم المتحدة، فهي إما أن توظفها أمريكا في سفك الدماء بأن تصدر القرارات كما فعلت من قبل في العراق وأفغانستان، وإما أن توظفها في السكوت عن سفك الدماء بأن تبطل القرارات كما جرى بخصوص الفيتو على وقف إطلاق النار، أو أن تصدر عنها ومن خلالها القرارات الاستعمارية والمشاريع الغربية، مشرعَنةً ومغلفة بمسميات القانون الدولي والحقوق، لتنخدع بها الشعوب ظنا منها أنها أدوات ومنابر لتحصيل حقها، بينما هي في الحقيقة أدوات الغرب لنهب تلك الحقوق واغتصابها.
وهكذا هو أيضا واقع الكفار ومللهم؛ بعضهم أولياء بعض، ومن تولاهم فقد صار منهم ومعهم، وشريكاً لهم في جرائمهم، سواء بتخاذله وسكوته، أو بتواطئه وتآمره، كما يفعل حكام العرب والمسلمين، أو بتسويقه لمشاريع أمريكا وتساوقه معها كما يروج هؤلاء الحكام لحل الدولتين، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
إن وقف الإبادة وحقن الدماء الزكية من أن تسفك لا يحتاج إلى قرار يقدمه حكام عملاء جبناء في مجلس الأمن، مجلس أمريكا، وكأنهم يستجدون للمقتول عون قاتله المجرم، بل هو بحاجة إلى قرار وفعل من المسلمين، وخاصة أهل الاستطاعة منهم، بخلع تلك الأنظمة العميلة المتواطئة، إذ بخلعها يُخلع كيان يهود من جذوره، كما يخلع نفوذ أمريكا وتُقطع يدها الممتدة بالفساد في بلاد المسلمين، وبغير ذلك ستبقى حالة الدوران في حلقة الجرائم الأمريكية والاستعمارية ذاتها، والتردي من سيئ إلى أسوأ.
إن قلع نفوذ أمريكا وربيباتها كيان يهود والأنظمة العميلة هو ممكن، وسقوطها كذلك ممكن، بل هو حق ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً﴾، وأكثر من ذلك هو أنه واجب وفرض على المسلمين، عندما فرض الله عليهم أن يكونوا أحرارا لا عبيدا، إلا لله سبحانه، الذي تكفل بنصرهم إن هم نصروه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم﴾ فالعاقبة كلها بيد الله وحده، ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)