17/05/2023م الأربعاء، 27 شوال 1444هـ رقم الإصدار: ن /ص – 1444 / 16
بيان صحفي
إحياء قانون الضمان الاجتماعي جريمة وضنك لمعيشة الناس
واستنزاف جديد تضيفه السلطة لضرب صمودهم واقتصادهم
بمكرٍ وخداع، تسعى السلطة الفلسطينية في هذه الأيام لإحياء قانون الضمان الاجتماعي سيئ الذكر، الذي وقف الناس ضده وقفة قوية قبل سنوات، رافضين ما تضمنه من اعتداء على أرزاقهم وثمار جهودهم ولقمة عيشهم بحجة "ضمانهم!"، وها هي اليوم تعمل على إعادة الكرة مرة أخرى بتعديلات شكلية لا تغير من جوهر النسخة السابقة أو آثارها السيئة إلا تلبيساً، لتوجد للناس مهلكة جديدة في الاقتصاد بما يعرف بقانون "الضمان الاجتماعي".
أما أنه مهلكة جديدة تضيفها السلطة، فذلك أن ما سيلمسه الناس من تطبيق هذا القانون ليس إلا آثاره الاقتصادية السيئة، والمغارم دون المغانم، حيث لا مغانم؛ ذلك أن الأجور الحالية لا تحصل الكفاية بها لأصحابها أصلا قبل الاقتطاع، عوضا عن أن يُقتطع منها، خصوصا في ظل التآكل الكبير للأجور نظرا لارتفاع الأسعار، وأما الأسواق فإن اقتطاع الأموال من الأجور وسحبها من دورة الإنفاق لن يضيف للركود الحاصل فيها إلا ركودا، وخصوصا مع ما يجري فيها من قلة الأموال واقتطاعات الرواتب التي تقوم بها السلطة والأداء الضعيف في ظل حصار كيان يهود، وأما الأعمال والمصالح والمؤسسات التي تعاني هي الأخرى مما يعانيه السوق فلن يزيدها تطبيق القانون إلا أعباء وتكاليف، ولن تجد هذه التكاليف المضافة طريقا لها إلا أن تضاف إلى أثمان السلع والخدمات المقدمة للناس فتزيد الغلاء غلاء، وإلا فإغلاق العديد منها أو الهروب من بيئة تطرد الاستثمار ولا تصنعه.
وعليه فإن طرح قانون الضمان مرة أخرى، هو مهلكة للناس، واستنزاف جديد فوق ما تعانيه معيشة أهل الأرض المباركة من الحصار والاستنزاف، وكأن حالة التردي الاقتصادي التي عليها الناس يراد تعميقها لجعل الناس في ضنك من العيش يمنعهم من التفكير في أرضهم المحتلة وأقصاهم المدنس.
وأما الأمر الآخر فإن هذا الصندوق ليس له ضامن حقيقي، وهنا عين المصيبة، فالسلطة ليست ضمانا، لا في أدائها ولا في تاريخها المملوء فسادا، بل ولا حتى في بقائها، عدا عن أن تكون ضامنا، وما أموال الصندوق القومي الفلسطيني وصندوق التقاعد وصندوق مستشفى خالد الحسن للسرطان و"وقفة عز" إلا غيض من فيض، وأمثلة على مآل الأموال المزمع جبايتها وعلى مصيرها، بل إن تجارب صناديق الضمان حتى لدى من هم أكثر خبرة من السلطة كالأردن مثلا، وغيرها من الدول العربية تشير إلى أنها مرتع للفساد، وميدان لخسائر أموال الناس وانعدام الكفاية، وأما مسألة استثمار أموال الصندوق فإن تاريخ مثل هذه الاستثمارات غالبا ما تكون ثمرته إفلاس ومديونية وسطو من قبل السلطة، عوضا عن أن يكون استثمارا يتعذر بالاحتلال أو مغامرة باستثمار خارجي لا يستفيد منه الاقتصاد المحلي بأية فائدة.
إن الغرض من مثل هذه الصناديق ليس حماية العمال أو أرباب العمل أو تأمين العيش الكريم للناس، فالسلطة أبعد ما تكون عن ذلك، بل إن الأمر لا يعدو عن أن يكون محاولة من السلطة للسطو على موارد جديدة لتمول بها نفسها، حيث لا مقومات لها دائمة ولا مصادر إلا جيوب الناس، وتمول كذلك عجزها عن الإنفاق على مشروعها الفاشل الذي يستهلك الموارد، ذلك المشروع الذي لم يكن جوهره ووظيفته إلا حماية كيان يهود وأمنه، وذلك حين ضخمت لهذا الغرض أجهزة أمنية أفلست الخزائن وأكلت الأخضر واليابس، وها هي تريد أن تجعل من اقتطاعات أجور العمال تمويلا لكل ذلك، وما شعارات الضمان إلا خداعا وذرا للرماد في العيون، وكأنها تملك كسلطة تحت الاحتلال من أمرها شيئا أو تستطيع أن تضمن ولو شيئا واحدا.
لقد اعتادت السلطة أن تغطي تشريعاتها باعتماد ما يسمى قرارات بقوانين، وهكذا فإنها بجرة قلم لـ"قرار بقانون" تشرع لنفسها السطو على أموال الناس والمغامرة بها أو أكلها بالباطل، وهي بهذه الطريقة تكون أول من يعطي سببا "لانعدام الضمان" لهذه الأموال لجرة القلم ذاتها أيضا بالتغيير في القوانين أو التعديل، ومن هنا فقد وجب على الناس، والحال كذلك من عبثٍ بأموالهم ونخرٍ في صمودهم، أن يقفوا في وجه هذه السلطة وقوانينها، التي تقودهم من قاع إلى قاع ومن مهلكة إلى أخرى، وتزيد من عيشهم ضنكا فوق ما هم فيه من تسلط لكيان يهود.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في الأرض المباركة – فلسطين