الأحد 6 شعبان 1444 هـ 26/2/2023 م رقم الاصدار: ب/ص - 12/1444
بينما لم تجف دماء شهداء نابلس بعد، ولا زال الجرحى مضرّجين بدمائهم، إذا بوفد السلطة، التي باتت ترى الخيانة وجهة نظر بل نهج حياة، يلتقي بأكابر مجرمي يهود برعاية رأس الكفر والاستعمار الدولي وحامية وراعية كيان يهود، أمريكا، وبحضور شهود الخيانة من النظامين الأردني والمصري!
لقد بات هؤلاء المجرمون يفتقرون لكل القيم ويدوسون كل الخطوط الحمر والصفر وحتى خطوط الدماء، بل إنهم والله لا يملكون حمية الجاهلية، فلا هم راعوا ديناً ولا قرابةً ولا ذمة! فمن ذا الذي يقبل أن يجلس مع قاتل أهله وينسق معه الخطط ويعقد معه الاتفاقيات ضد شعبه إلا خائن وعميل؟! ومن ذا الذي يظاهر عدوه على أهله ويعتبر جهادهم عنفاً يجب وقفه إلا خوان أثيم؟! فالعار والشنار لهم في الدنيا والويل والعذاب المهين في الآخرة، ساء ما يصنعون.
لقد أكد البيان المشترك، وما خفي منه أعظم، على الالتزام بالاتفاقيات السابقة، والتزام الطرفين بتخفيض التصعيد ومنع مزيد من العنف، والتأكيد على الوضع التاريخي للقدس، ويلتزم كيان يهود بعدم مناقشة إنشاء وحدات استيطانية لمدة أربعة أشهر وعدم إقرار أي بؤر جديدة خلال ستة أشهر، وأن يتم اللقاء مرة أخرى في شهر آذار في شرم الشيخ للتأكيد على تحقيق الأهداف المذكورة.
وإزاء ذلك فإنه يهمنا التأكيد على الأمور التالية:
1. إن اللقاء مع كيان يهود في الوقت الذي تقطر يداه دماً جراء جرائمه في نابلس وجنين وغيرها يُعَدّ قمة في الإجرام والاستهتار والخيانة والتآمر على أهل فلسطين عن سبق إصرار وترصد. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
2. إن التعويل على التزام كيان يهود بالاتفاقيات هو سخف سياسي بل هو العمالة بذاتها، فأي عاقل لا يجرب المجرَّب مرتين، فكيف به وهو مجرب ثلاثين عاماً؟! ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
3. إن التزام السلطة بخفض التصعيد ومنع العنف، علاوة على إجرامها بوصف الجهاد بالعنف، لا يعني سوى ملاحقة المجاهدين واعتقالهم وزيادة وتيرة التنسيق الأمني في ملاحقتهم بينما سيستمر إجرام يهود بلا رقيب ولا حسيب، ولا أدل على ذلك من تصريحات هنغبي الذي أكد أن لا تجميد للاستيطان أو أي تغيير للوضع الراهن في الحرم القدسي، ولا قيود على نشاط جيش يهود في أي مكان، وما يحدث الليلة في بلدة حوارة خير شاهد ودليل.
4. إن الحديث عن الحفاظ على الوضع التاريخي للأماكن المقدسة لا يعني وقف اقتحامات يهود للمسجد الأقصى ولا منعهم للمصلين والتضييق عليهم، بل سيستمر سعي هذا الكيان المجرم في فرض التقسيم المكاني والزماني كما فعل خلال الحكومة السابقة التي كانت تعلن حفاظها على الوضع التاريخي بينما ازدادت الاقتحامات والاعتداءات على المصلين والمعتكفين، فهذا الاتفاق هو ضوء أخضر سلطوي أردني مصري ليواصل هذا الكيان إجرامه واعتداءاته، وهو ما أكده هنغبي في تصريحه آنف الذكر.
5. إن الحديث عن فتح قنوات اتصال وتعزيز التنسيق بين الطرفين لا يعني إلا قيام السلطة بتقديم المزيد من الخدمات الأمنية "الجليلة" لكيان يهود، فالمتابع يدرك أن لا حلول سياسية لانشغال أمريكا بملفات أكثر أهمية وسخونة، وأن الهدف من هذه اللقاءات لا يعدو التهدئة التي تريح أمريكا من عناء هذا الملف الشائك.
يا أهل الأرض المباركة:
إن الحوادث فضحت خيانة السلطة والأنظمة بشكل عجيب، فلم يبق لهذه الأنظمة من ورقة توت تستر بها بعض عورتها بل باتت لا تخجل من خيانتها وتعاونها مع من يقتلونكم صباح مساء، فهم إليهم أقرب ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ فتبرؤوا منهم ومن سياساتهم، ووجهوا نداءاتكم للقوى الحية في أمتكم عسى أن تلامس صرخاتكم مسامع رجال كالمعتصم وصلاح الدين فيحرك جيوش المسلمين لتستأصل كيان يهود وأذنابهم من جذورهم وتريح الأمة من شرورهم، وإن ذلك لكائن قريباً بإذن الله، فثقوا بوعد الله وثقوا بأمتكم والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في الأرض المباركة – فلسطين