بسم الله الرحمن الرحيم

 (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً)

تشكل زيارة جيمي كارتر الأخيرة للمنطقة عملاً من أعمال السياسة الأمريكية، فرغم أن كارتر ليس حاكماً في الوقت الراهن إلاّ أنه يمثل توجهاً أمريكياً في التعاطي مع مشكلة فلسطين وأطرافها، ومن الأدلة على ذلك أن كارتر كذّب تصريحات الإدارة الأمريكية بأنها حاولت ثنيه عن الزيارة. ولقد كان من أولويات زيارته لقاءاته مع قيادات حركة حماس، ليس حباً في الإسلام وأهله، ولا إعجاباً منه بمجاهدي الحركة، وإنما مساهمة منه في تطويع حماس ودفعها للانخراط في العملية السياسية بشكل كامل وبحسب المعايير والقوانين الدولية.

 

            وقد تمخضت زيارته عن تصريحات خطيرة لقادة حركة حماس يجدر الوقوف عندها وتنبيه أهل فلسطين والمسلمين عامة إليها ، وإزاء ذلك نقول ما يلي:

1-      إن جيمي كارتر هو عراب كامب ديفد الخيانية، وهو ينطلق في لقاءاته مع قادة حماس من منطلق الكيد للإسلام وأهله.

2-   إن معنى القبول بدولة في حدود 67 هو الاعتراف "بإسرائيل"، ولقد كانت منظمة التحرير بدأت طريقها إلى الاعتراف "بإسرائيل" بمثل هذه العبارات القريبة من الاعتراف الصريح ثم انتهى أمر التلميح إلى التصريح، فاعترفت "بإسرائيل" اعترافاً صريحاً ووقعت معها اتفاقيات أوسلو وأخواتها.

3-   أما ما صرحت به حماس لكارتر من أنها ستقبل باتفاق يتوصل إليه محمود عباس مع اليهود شريطة أن يتم عرض الاتفاق [إما على استفتاء شعبي أو مجلس وطني فلسطيني جديد منتخب وفق آليات متفق عليها وطنيا] فإن هذا القول يحمل المعاني التالية:أولاً: إن حماس تفوض محمود عباس (السلطة) وتطلق يده بالمفاوضات مع اليهود – ولسائل أن يسأل "ما الفرق بين تفويض عباس بالمفاوضات أو القيام بها مباشرة مع يهود ؟ ".وثانياً: إن حماس تقبل الاعتراف "بإسرائيل" إن كانت نتيجة الاستفتاء لصالح الاعتراف أو قبل به المجلس الوطني الجديد.وثالثاً: يحمل في طياته أن فلسطين هي للفلسطينيين، وهذا مخالف للإسلام، ففلسطين هي لجميع المسلمين إلى يوم الدين، لا يملك التنازل عن شيء منها لا محمود عباس ولا حماس ولا الفلسطينيون ولا المسلمون مجتمعين.

4-   إن الإسلام يحرم على المسلمين السكوت على وجود سلطان للكفار على أرض الإسلام، قال تعالى (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)، سواءٌ رفض الناس ذلك أم وافقوا عليه جميعاً. فإن من بديهيات الإسلام أن السيادة للشرع وأن قول البشر جميعاً لا قيمة له إن هو خالف أحكام الله تعالى. وعليه فإنه يحرم على أي مسلم وأي حركة أن تقبل أي اتفاقية تعترف "بإسرائيل" بشكل صريح أو ضمني، سواءٌ قبل الناس بها أم رفضوها.

5-   ونقول أخيراً إنه لا يوجد فرق بين الاعتراف "بإسرائيل" والاعتراف باعتراف الناس "بإسرائيل"، فكله اعتراف، والفرق بين هذا وذاك يدخل في باب الحيل اللفظية، بل إن الاعتراف باعتراف الناس بإسرائيل يحمل صاحبُه وزراً إضافياً هو السكوت على المنكر الذي يقترفه الناس إن هم شاركوا في الاستفتاء على بيع فلسطين لليهود.

6-   ننصح حركة حماس بالرجوع عن هذا المسار الخطر، وندعوها أن تتبرأ من السلطة ومفاوضاتها مع اليهود وأن تُعلن مفاصلة بينها وبين الحكام (ومعهم السلطة) فالله سبحانه يقول (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ)

7-      إن حل قضية فلسطين لا يكون إلاّ بتحريرها من خلال تحريك الجيوش ودك الحصون لا من خلال المفاوضات والاستفتاءات، وبما أن الأمل قد انقطع من الحكام الحاليين أن يحركوا جيشاً (بل هم حماة مخلصون لدولة اليهود)، فعلى الأمة أن تخلعهم وأن تنصب الخليفة الذي يحرك الجيوش ويحمي بيضة المسلمين قال r (الإمام جنة يُقاتل من ورائه ويُتقى به).

 اللهم إنا قد بلغنا أللهم فاشهد.

 

‏17ربيع الثاني‏، 1429  الموافق ‏23‏/04‏/2008                                         حزب التحرير فلسطين