بسم الله الرحمن الرحيم

السلطة الفلسطينية تسعى لسرقة أموال الناس وإفقار البلاد

من خلال ضمان اجتماعي لا ضمان له!!

تسعى السلطة الفلسطينية هذه الأيام جاهدة لإضافة جريمة نكراء إلى مسلسل جرائمها المستمر منذ إنشائها تجاه أهل فلسطين الذين يتعرضون لأشد أنواع البطش والتنكيل على يد الاحتلال الغاشم، وهذه الجريمة هي فرض قانون ما يسمى بالضمان الاجتماعي الجائر، والسلطة بجرائمها المتلاحقة تُعزز يوماً بعد يوم القناعة بأنها ستبقى عوناً ليهود في إخضاع أهل فلسطين وتهجيرهم والتنكيل بهم وسرقة لقمة عيشهم من خلال الجمارك والضرائب والرسوم المتصاعدة في كافة المؤسسات والهيئات والخدمات حتى أصبحت لقمة العيش لمعظم الناس مغموسة بالعرق أو الدم، مقابل ثراء فاحش لرجالات السلطة وأزلامها ومن سار في ركابها.

 

إن قانون الضمان الاجتماعي المشئوم هو أحد أساليب النظام الرأسمالي العفن لتهرب الدول من مسئولياتها في رعاية الشعوب من ناحية التطبيب والتعليم وإعالة الفقير والمحتاج والعاجز نتيجة الشيخوخة أو الإصابات ومنها إصابة العمل أو المرض المقعِد، أو نتيجة عجزه عن إيجاد عمل بسبب البطالة، حيث ابتكروا مؤسسة خاصة أسموها مؤسسة الضمان الاجتماعيأشبه ما تكون بتأمين إلزامي مجحف بحق جميع الناس، أما الذي لم يشترك في مؤسسة الضمان لسبب من الأسباب فليس له أي حق من الحقوق على الدولة!.

 

وبالنظر في قانون الضمان الاجتماعي نجده ظلماتٍ بعضُها فوق بعض، حيث نرى أن المعاش التقاعدي المستقبلي الذي ستقدمه مؤسسة الضمان بعد 15 عاماً من الاشتراك لن يكفي لسد الحاجات الأساسية للعائلة، وهو بذلك يساهم في إفقار العمال مرتين، الأولى فور تطبيق القانون من خلال اقتطاع ما نسبته 7.2% من معاشهم الذي بالكاد يكفيهم لسد حاجاتهم الأساسية، والثانية بعد تقاعدهم حيث لن يتقاضوا معاشاً يكفيهم، ومشروطاً بأن لا يكون لديهم عمل آخر أو معيل، فالأرملة إن تزوجت فقدت حقها في المعاش، واليتيم إن حصل على عمل فقد حقه في المعاش، والعامل إن التحق بعمل بعد سن التقاعد سيُحرم من المعاش.

 

وبإقرار قانون الضمان الاجتماعي ستتنصل السلطة من كل التزاماتها تجاه الفقراء والضعفاء والمحتاجين بذريعة وجود مؤسسة الضمان الاجتماعي، وستجمع الأموال الطائلة من الموظفين والعمال وأرباب العمل، والتي ستكون بمثابة ثروة لا تنضب بيد أزلام السلطة لشراء الذمم وإبقاء المرتزقة... والخطورة لا تقف عند هذا الحد، فهذا الصندوق سيسحب من التداول مئات الملايين من الأموال ليستثمرها في ربا البنوك أو في البورصات وأسواق الأسهم، أو الاستثمار في الخارج، مما سيجعل هذه الأموال بيد حفنة من الرأسماليين الكبار الذين سيزدادون ثراء على ثرائهم، أو يخرجها إلى مؤسسات ومستثمرين أجانب، وهذا سيؤثر بشكل سلبي على حجم السيولة المالية التي في السوق، ويضاف إلى ما سبق، ماذا ستفعل السلطة إذا خسرت هذه الأموال في الأسواق المالية؟، وإذا خرجت هذه الأموال إلى الخارج فمن الذي يضمن عودتها؟ ﴿فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾.

 

إن صفاقة السلطة ورجالاتها في تبرير المحرمات والظلم بلغت مبلغاً عظيماً؛ فذاك وزير العمل يقول مروّجاً لقانون الضمان في أحد اللقاءات "بدل ما تصرف مصرياتك على المدام والأولاد إحنا بنستثمر لك إياهن"!، وتجاهل أن الموظف والعامل يصبح مديوناً قبل نهاية الشهر وبالكاد يلبي الحاجات الأساسية "للمدام والأولاد" وأين سيستثمرها؟ هل في الربا!! ومن الذي سيستثمرها؟!

 

ثم إن القانون إلزامي للعامل ولرب العمل، وهو بذلك أكل لأموال الناس بالباطل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول:«كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»، فلا يحق للسلطة ولا لغيرها أن تأخذ ديناراً واحداً من المسلم بغير رضاه أو وجه حق.

 

ثم إن هذا القانون فوق كل سلبياته وظلمه، وفوق كونه مرتعاً خصباً للسرقة والفساد، هو مقامرة طائشة بأموالكم، فإن السلطة وجودها من حيث هو في مهب الريح، وسيادتها تحت بساطير الاحتلال، ورئيس السلطة هدد أكثر من مرة بتسليم مفاتيح السلطة للاحتلال، فمن يضمن الضمان؟ ومن يضمن أموالكم؟ ومن يحمي كد عمركم؟ إنه ضمان بلا ضمان ولا ضامن.

 

إن نتائج ما تنوي السلطة تنفيذه لن تقف عند العمال أو أصحاب العمل، بل إن قانون الضمان ألزم موظفي الهيئات المحلية بالالتحاق بمؤسسة الضمان الاجتماعي لوضع اليد على مدخراتهم، فالأمر سيطال الناس جميعاً فهو يتعلق بالمال الموجود بين أيديهم، فكل من يعيش داخل فلسطين سيكتوي بنار الفقر الذي يُخطط له أعداؤنا وتنفذه السلطة، وهذا عين ما يحصل في البلدان الإسلامية مثل الأردن ومصر وتونس والمغرب، ثم سيتبع هذه الخطوة بشكل آلي رفع مدفوعات الضرائب أضعافاً مضاعفة.

 

يا أهلنا في فلسطين:إن استناد السلطة إلى النظام الرأسمالي البشع في كل تشريعاتها وقوانينها، وتبعيتها في كل قراراتها للدول المانحة، وصدّها عن سبيل الله، وبُعدها عن الإسلام هو الذي يجعل كل ما تخطّه السلطة من قوانين وقرارات، إما قرارات خيانية أو قوانين ظالمة جائرة تجلب ضنك العيش على أهل فلسطين، فقفوا في وجه السلطة لإلغاء هذا القانون الظالم ولا تنجروا وراء من يسعى لتعديله أو إدخال الرتوش عليه لتجميله حتى تستطيع السلطة تمريره عليكم،لأنه باطل من أساسه وفاسد في كل تفريعاته..فارفضوه كاملاً ولا تقبلوا المساومات على تعديله.

 

إن الذي جرأ السلطة على ارتكاب جرائمها بحق فلسطين وأهلها، وملاحقتها للناس في لقمة عيشهم وقوت عيالهم، هو السكوت عنها عندما ارتكبت أفظع الجرائم السياسية والأخلاقية بحق فلسطين ومقدساتها وأهلها؛ عندما ارتكبت خياناتها في أوسلو وما تبعها من اتفاقيات خيانية فرطت من خلالها بمعظم فلسطين ليهود، وعندما عملت على تسميم أفكار أبنائنا وبناتنا في المدارس من خلال المناهج والنشاطات المنهجية واللامنهجية التي جاءت بتوجيه وإشراف من الغرب، ومن خلال الجمعيات المشبوهة المدعومة من أعداء الإسلام والمسلمين، وعندما عملت على نشر الرذيلة والدياثة بحفلات ومهرجانات الرقص والاختلاط والفحش. فلو وجدت السلطة وقفة قوية في وجه جرائمها لما تجرأت على أموال الناس وعلى قوت عيالهم إلى هذه الدرجة. قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾.

 

يا أهلنا في الأرض المباركة فلسطين:إن الإسلام العظيم الذي أعرضت عنه السلطة ورجالاتها، كفل حقوق الناس كافة بصفتهم رعايا للدولة بغض النظر عن ديانتهم وأعراقهم وألوانهم، وكفل لهم حاجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وتطبيب وتعليم، وبيّن الأحكام الشرعية الكفيلة بالقضاء على الفقر والأحكام الشرعية التي تعالج أمور النفقة على الصغير والكبير والعاجز والمرأة، وألزم الدولة بالعمل على مساعدة الرعية في الحصول على الكماليات بالقدر المستطاع، فنسأل الله تعالى أن يعجل لنا بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستضع الإسلام موضع التطبيق فتقضي على الفقر وتنصف العباد وترعاهم حق الرعاية وتحرر البلاد والعباد من الاحتلال وأدواته من العملاء وحكام الطاغوت، وتحقق الطمأنينة والأمان والعيش الكريم للناس، وتخلصهم من النظام الرأسمالي البشع الذي جر الويلات على البشرية كافة.

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾

16 صفر 1440هـ                                                حزب التحرير

الموافق 25/10/2018م                                         الأرض المباركة فلسطين