بيان صحفي
ليبيا والتدخّل العسكري الأجنبي
بدأت أمريكا تنفّذ ضربات جويّة علنية داخل مدينة سرت بناء على طلب من المجلس الرئاسي الليبي المنبثق من اتفاق الصخيرات في المغرب؛ الذي رعته الأمم المتحدة بحجة دعم عملية البنيان المرصوص التي تقود معركة لاستعادة سرت من قبضة تنظيم الدولة، وفي هذا الصدد نود توضيح الآتي:
1- إنّ هذا القصف الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية، راعية الإرهاب الأولى في العالم، بحجة مكافحة الإرهاب هو انتهاك لحرمة بلد مسلم عزيز على المسلمين هو ليبيا، وهو حجة لمزيد من التدخّل الأمريكي في ليبيا ومدخل لتوسيع نفوذها في شمال إفريقيا.
2- إنّ ما قام به المجلس الرئاسي الليبي يعتبر حراماً شرعا؛ فهو استعانة بمن حرّم الإسلام الاستعانة به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستضيئوا بنار المشركين»، فضلا عن كونه خيانة للبلد وسماحاً لأكبر قوة استعمارية في الأرض بالدخول إلى ليبيا الغنية بالنفط، فالولايات المتحدة هي التي دمرت العراق بحجة (مكافحة الإرهاب)، ونهبت ثرواته وأوصلته اليوم إلى الحال التي هو عليها من فتنة واقتتال ودمار...، وعليه يكون من يستنجد بأمريكا لإنقاذه من (الإرهاب) كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولذلك فإننا ندعو المجلس الرئاسي إلى أن يثوب إلى رشده ويتراجع عن هذا الطلب الكارثي فورا...
3- إن هذا الطلب من قبل المجلس الرئاسي الليبي يميط اللثام عن وجهه، ويكشف بما لا يدع مجالاً للشكّ غرض الجهة التي سعت لوضعه من خلال رعايتها لمفاوضات الصخيرات، رغم عدم موافقة عموم أهل ليبيا ومعظم الثوّار فيها على ذلك، مما دفع الغرب إلى الضغط والتهديد لفرضه، فالغرض إذن هو تشريع التدخّل الأجنبي وتشريع نهب الثروات لصالح الغرب بحجة (مكافحة الإرهاب) وتنمية البلاد...
4- إن تدخّل الولايات المتحدة الأمريكية في اللحظات الأخيرة لمعركة سرت هو محاولة منها لسرقة انتصار الثوار الذين تمكنوا من استعادة المنطقة الشاسعة الممتدة من حدود مصراتة إلى شرق سرت، كما تمكنوا من استعادة مطارها ومينائها ومعظم أحيائها، فتريد أمريكا سرقة نصر الثوار هذا حتى لا يقال إنهم تمكنوا من دحر التنظيم بمفردهم ودون مساعدة أجنبية، وحتى لا يظهر زيف التضخيم الدولي لحجم هذا التنظيم في ليبيا؛ لأنّ أمريكا تستغل حالة الخوف من التنظيم حتى تتدخل في ليبيا، وإحباط الثوار لذلك يجعل أمريكا تخسر ورقة رابحة ليس في ليبيا فحسب بل في المنطقة برمتها...
5- يجب على المسلمين في ليبيا رفض هذا التدخّل ونبذه وبيان الحكم الشرعي فيه، والأخذ على يد كل من يشرّع لهذا التدّخل أو يسمح به حتى يعود عن فعله الشنيع هذا؛ فكما كان موقف عموم الناس والعلماء ومعظم فصائل الثوار بالأمس من تدخّل فرنسا السافر المجرم بقصفها للثوار وكذلك للمسلمين الآمنين في بيوتهم وخاصة في بنغازي، وجب أن يكون موقفهم تجاه التدخّل الأمريكي مماثلا لذلك، بل أشد وأقوى؛ لأن حقيقة الأمر هي أنّ فرنسا وأمريكا تسعيان بشكل واضح لضرب الثوار في ليبيا ونهب ثرواتها.
6- إن عامة المسلمين في ليبيا يرفضون أيّ تدخّل أجنبي، وإنّ دينهم وعلو همتهم يدفعانهم دوما لرفض الخضوع للكافر المستعمر، فهم من تصدوا للمحتل الإيطالي وسطروا أروع الملاحم بقيادة المجاهد عمر المختار، وهم من ظلّ ولاؤهم ودعمهم لدولتهم، الخلافة، إلى آخر يوم من أيامها التزاماً بواجبهم الشرعي، وبإذن الله لن يقبلوا اليوم أي تدخل أجنبي ولن يقبلوا بأي حكم يطبّق عليهم ما لم يكن حكما بالإسلام...
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ﴾.
الأستاذ رضا بالحاج
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير