التاريخ الهجري 08 من صـفر 1434 رقم الإصدار: 12/46
التاريخ الميلادي 2012/12/22م
لا، يا شيخ الأزهر! للشريعة حكم في كل الأفعال
قال شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، في بيان صدر الخميس، 20/12/2012، تعليقا على عملية الاستفتاء على الدستور «يؤكد الأزهر الشريف أن عملية الاستفتاء لا علاقة لها بأحكام الشريعة ولا بالحلال والحرام، ويناشد الأزهر الشريف الأئمة والدعاة مراعاة حرمة المنابر والمساجد وأن يجنبوها المعارك السياسية، ويبتعدوا بها عن الصخب السياسي، امتثالاً لقوله تعالى (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً )). ودعا شيخ الأزهر جميع المواطنين أن يراعوا ضمائرهم وهم أمام صناديق الاقتراع على الاستفتاء، السبت المقبل، باعتبارِه «واجبًا وطَنيًّا، على نحو يجعل مصرَ أنموذجًا للدول الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة». وقال: «بهذا ترسو سفينة الوطن، بإذن الله تعالى، إلى بر الأمان والاستقرار، لتنطلق مصر نحو نهضتها وتقدمها وتتبوأ مكانتها بين الدول».
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" وإننا في حزب التحرير ولاية مصر، نتوجه بالنصح لشيخ الأزهر الشريف، سائلين المولى عز وجل أن يهدينا جميعا سبل الرشاد، ونقول له:
1- إن القول بأن عملية الاستفتاء لا علاقة لها بأحكام الشريعة ولا بالحلال والحرام، قول مردود، لا يصدر عن مسلم عامي، فكيف به من الإمام الأكبر، إمام جامع الأزهر، منارة العلم والعلماء؟ أليس الاستفتاء فعلاً بشرياً، يحتاج لبيان الحكم الشرعي فيه؟ أليس الأصل في الأفعال التقيدَ بالحكم الشرعي؟
2- إن الدستور هو الأحكام العامة التي تبين شكل الدولة وأعمال كل سلطة فيها، والنظام الأساس الذي يسير أعمال الناس كلها في جميع المجالات، من اقتصادية واجتماعية وسياسية وغيرها، فإذا كنا في الأعمال التفصيلية الخاصة، كحرمة شرب الخمر أو أكل الربا، نتقيد بالأحكام الشرعية، أليس من باب أولى أن نتقيد بها في النظم الرئيسة التي تسير أعمال الملايين من الناس؟ فهذه وتلك يجب أن تؤخذ من القرآن والسنة بقوة الدليل، لا بالتصويت عليها، ولذا لا يجوز الذهاب إلى صناديق الاقتراع للتصويت لأن في هذا قبولاً لمبدأ التصويت على الأحكام، وهذا مرفوض، ولا يجوز شرعا، والله تعالى يقول: (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا ))، لذلك يأثم من يذهب إلى التصويت. فكيف يقال أن عملية الاستفتاء لا علاقة لها بأحكام الشريعة ولا بالحلال والحرام؟
3- أما مناشدة الأزهر الشريف الأئمة والدعاة مراعاة حرمة المنابر والمساجد وأن يجنبوها المعارك السياسية، ويبتعدوا بها عن الصخب السياسي، فهذا يفهم منه عدم إقحام الأئمة والدعاة في السياسة وكأنها دعوة لفصل الدين عن السياسة، وإسلامنا ليس فيه مثل هذا الفصل.
4- وأما دعوة شيخ الأزهر المواطنين للاستفتاء باعتباره واجبًا وطَنيًّا، على نحو يجعل مصرَ أنموذجًا للدول الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة، فإنها دعوة ليس لها خلاق في الدنيا والآخرة، إذ هي دعوة لتكريس البعد عن الإسلام، إذ إن الإسلام حدد شكل دولته، بأنه هو الخلافة، وليس الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية، إن الخلافةَ فقط هي نظام الحكم في الإسلام الذي شرّعه رب العالمين، ولم يعرف المسلمون غيرها، ولم يحيدوا عنها قيد شعرة، وهي السبيل الوحيد لتطبيق شرع الله تطبيقاً كاملاً شاملاً يعيد الحياة الإسلامية لمعترك الحياة، وبها يُحمل الإسلام إلى العالم، وهي السبيل الوحيد لوحدة المسلمين وعزهم وقوتهم وإشاعة العدل بينهم وبين جميع الناس. بهذا فقط أيها الشيخ الكريم، ترسو سفينة الوطن، بإذن الله تعالى، إلى بر الأمان والاستقرار، لتنطلق مصر نحو نهضتها وتقدمها وتتبوأ مكانتها بين الدول، كدولة صاحبة رسالة عالمية.
( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
شريف زايد