التاريخ الهجري 04 من جمادي الثاني 1433
التاريخ الميلادي 2012/04/25م
رقم الإصدار: 12-19
بيان صحفي
فلسطين وحق العودة
دعت الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيّي أوروبا إلى المشاركة في مؤتمرها العاشر في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، الذي ينعقد تحت شعار «ربيعنا يزهر عودتنا». يناقش المؤتمر انعكاس الربيع العربي وثوراته على القضية الفلسطينية، وتشكل قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم نقطة ارتكاز هذا المؤتمر الذي يعقد دوريا كل عام في إحدى العواصم الأوروبية لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية وللمطالبة بتطبيق القرارات الدولية. وأعلن المدير العام لمركز العودة أن مؤتمر هذا العام سيقام تحت رعاية الرئيس التونسي المنصف المرزوقي. ومن المتوقع مشاركة أحد أعضاء البرلمان الفلسطيني بالإضافة إلى الوزيرة البريطانية السابقة كلير شورت.
وعلى الرغم من أننا نقدر كل الجهود الساعية إلى توعية المسلمين في الغرب بقضاياهم المصيرية ونقدر الجهود الرامية إلى نصرة أهل فلسطين وسائر المسلمين، إلا أنه لا بد لنا أن نتساءل: هل يصح الكلام عن إعادة اللاجئين إلى فلسطين دون ذكر عودة فلسطين إلى المسلمين؟ وهل يصح الحديث عن مسألة اللاجئين دون النظر إلى قضية فلسطين وحكم الإسلام فيها؟ ثم ألم يكن شعار "حق العودة" جزءا من مشروع (السلام) الهادف إلى إضفاء الشرعية على الاحتلال وضمان بقائه؟ وهل يصح أن نخرج عن إطار أحكام الإسلام في هذا السياق؟
إن فلسطين هي أرض إسلامية خراجية تعود ملكيتها للمسلمين. ففلسطين ليست قضية أهل فلسطين أو العرب وحدهم، بل هي قضية أرض إسلامية ومقدسات إسلامية اغتصبها يهود بتدبير ورعاية من دول الغرب، وعلى رأسهم بريطانيا وأمريكا، وبتعاون من حكام المسلمين العملاء. فلا يجوز تقزيمها إلى قضية أراض احتلت عام 1967 أو معابر أو حواجز أو إلى قدس شرقية وغربية أو حق عودة للاجئين... ففلسطين بلد إسلامي محتل، يجب على جميع المسلمين بذل المهج والأرواح في سبيل استرداده، وأي تفريط بشبر منه هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. فالله أوجب على المسلمين الجهاد لاستئصال كيان يهود. وعندها فقط تعود فلسطين كل فلسطين، فيسكن فيها من شاء من المسلمين، ويشد الرحال إلى أقصاها من شاء منهم، ويتنقل أهلها فيها دون أي حواجز أو معوقات بإذن الله.
إن أهل فلسطين في حكم الملهوف، سواء منهم من كان خارج فلسطين أم داخلها، ويجب على المسلمين إغاثة الملهوف ونصرة المظلوم. وأهل فلسطين لا يغيثهم حكام ارتموا في أحضان الغرب وساروا على خطاه، فابتغوا الدولة المدنية وأعرضوا عن الشريعة الإسلامية وساروا في مشروع (السلام) وتقاعسوا عن الجهاد ذروة سنام الإسلام. إن قضية فلسطين لا تحل بالقرارات الدولية ولا بالاحتكام إلى الشرعة الدولية أو القوى التي تآمرت على فلسطين فأقامت كيان يهود ورعته. ثم هل ضمنت هذه القوى حق العودة لأبناء فلسطين؟ أم إنها لم تعبأ بهم وبإعادتهم بعدما ظاهرت على إخراجهم! فهل يثق الحمل بالجزار وتأمن الضحية الجلاد؟! إن سياسة الانفتاح على الغرب واستمداد العون من ساسته لا تجوز بحق من يسعى إلى تحرير فلسطين وإغاثة أهلها. فهذه السياسة لطالما حفظت للغرب نفوذه في بلاد المسلمين ومكنته من إطالة عمر الاحتلال.
إن قضية فلسطين في الأساس هي قضية احتلال عسكري، ليس صعيدها طاولات المفاوضات ولا أدواتها اتفاقيات عقيمة وخارطة طريق ملتوية، بل أدواتها الجيوش وصعيدها ساحات القتال، فالله سبحانه وتعالى يقول: "وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ". فلا بد للمسلمين أن يقفوا في وجه القرارات والدعوات التي يراد أن تكون بديلا عن تحريك جيوش المسلمين للجهاد. وهي أيضا ليست قضية إنسانية أدواتها الرز والخيام والبطانيات أو المطالبة بالحقوق والتعويضات وتطبيق القرارات! إن الدفاع عن أهل فلسطين وتحرير أرضها يعني تجييش الجيوش لإعادتها كاملة إلى المسلمين، بدلا من التغني بحق العودة تحت حراب الاحتلال وبدلا من الارتماء في أحضان الغرب والأنظمة العربية العميلة.
إن "حق العودة" هو جزء من مشروع دولي لتصفية قضية فلسطين، وهو يعني القبول ببقاء كيان يهود وعودة اللاجئين إلى فلسطين تحت حكمه. فهل حقاً نريد عودة اللاجئين إلى فلسطين تحت حكم يهود أم نريد عودة فلسطين لأهلها بعد تحريرها من هذا الكيان؟ فحذار حذار من التلهي بحديث حق العودة عن واجب إعادة فلسطين إلى حوزة الإسلام. فإزالة هذا الكيان يجعل عودة اللاجئين لأراضيهم من البديهيات التي لن يختلف عليها أحد؟
إننا نثق بهذه الأمة الإسلامية التي بدأت تتلمس طريق النجاة وتتحرق شوقا لتولي زمام أمرها وإعادة مجدها لتعود خير أمة أخرجت للناس. فها هي الثورات المباركة تطيح بطغاة هم بمثابة أدوات تنفيذية لسياسة الغرب في المنطقة، ومنها الحفاظ على كيان يهود... فقد بات واضحاً لكل ذي حجر، أن الأمة مستعدة للتضحية، وتتشوّق لمواقف العز، وتتطلع للنصر، وها هي في بداية ثوراتها تمهد الطريق للتغيير الجذري وتسعى للانعتاق من هيمنة الطغاة، زارعة الرعب في كيان يهود والغرب من ورائه. فهل نتعظ ونكف عن المطالبة بتطبيق قرارات دولية تجاوزتها الأمة جمعاء.
إن المسلمين بإمكانهم إعادة كل شبر احتل من أرض الإسـلام والقضاء على أعدائهم، بل ونشـر الخـير في ربوع العـالم. فبلاد المسلمين هي بلاد المال والرجال، وفوق هذا وذاك، أرض الإسلام، المبدأ العـظـيم، الذي به تحيا الأمم وتُنقذ من الظلم والطغيان.
نعم إنكم أيها المسلمون لقادرون على استعادة مجدكم ودوركم في ريادة الأمم وقيادتها تحت ظل الإسلام. إن ذلك بإمكانكم، ومفتاحه إقامة الخـلافة الراشدة في بلاد المسلمين. إن الخـلافة وحدها هي الكفيلة بتحريك جيوشكم والقضاء على أعدائكم واستئصال كيان يهود المحتل لفلسطين، أرض الإسراء والمعراج، وإعادتها كاملةً إلى دار الإسلام. وهاكم بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون" رواه مسلم. وذلك بمقدوركم أيها المسلمون، فضعوا الخـلافة نصب أعينكم.
(وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم)
شادي فريجة
الممثل الإعلامي لحزب التحرير- إسكندينافيا
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
إسكندينافيا