بسم الله الرحمن الرحيم
الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا لا يريد للإسلام أن يسود، ويخشى من الخلافة أن تعود
هذه هي حقيقة الصراع على التأسيسية والترشح للرئاسة
تحاول أمريكا بشتى الطرق لملمة الأوضاع في مصر لتعود على ما كانت عليه، وتحاول استنساخ نظام مبارك القديم -ولو جزئياً- بوجوهٍ جديدة، وإن استطاعت بوجوه قديمة من فلول النظام السابق تطمئنّ لتبعيتهم لها، وتحاول صرف المسلمين عن سعيهم لتمكين الإسلام في الحكم، فتقوم بإلهاء المسلمين بقضايا تُكَرِّس البعد عن الإسلام وحكمه وتمكينه في دولته، دولة الخلافة الإسلامية الراشدة، وذلك بافتعال أزمات سياسية بعيدة عن القضية الحقيقية المصيرية للمسلمين المتمثلة في إقامة الخلافة. فما تشهده الساحة السياسية الآن من صراعات وأزمات حول ما يسمى باللجنة التأسيسية للدستور، وحول كيفية صياغة الدستور والتوافق عليه، وحول الرئيس المنتخب على رأس النظام الجمهوري الديمقراطي العلماني، ما هو إلا تكريس لمفهوم الدستور الوضعي والرضى والقبول بالحكم بغير ما أنزل الله، فالدستور المستمد من آراء الناس وأهوائهم -وإن وافقت أحكام الإسلام في القليل أو الكثير- فإن العبرة فيه لما توافَق عليه الناس، مسلمين كانوا أم غير مسلمين، وشرعيته مستمدة من هذا "التوافق" وليست مستمدة من العقيدة الإسلامية بانبثاقه منها ومما أقرته من أدلة شرعية هي الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس.
فهل قضية فصيل يضع الدستور دون فصيل -مع اتفاق الجميع على وجوب أن يكون دستوراً توافقياً وضعياً- هي قضية ذات بال؟! أم إن القضية الحقيقة والمصيرية هي وجوب أن يكون الدستور مستمداً من العقيدة الإسلامية لا غير، ومستنبطاً من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه لا غير، سواءً أوافق أهواء الناس واختيارهم أم خالفهم؟! ... يقول تعالى ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ويقول: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). فهل بعد أمر الله سبحانه وتعالى بوجوب الخضوع لحكمه والتسليم به، وبعد تحذيره لنا من المخالفة: }فَليَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُم فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ نقول بالتواضع والتوافق على الدستور؟!
أما قضية انتخابات رئاسة الجمهورية التي يتهافت عليها الناس ويتناحرون حولها، وهاجت لها المشاعر وماجت، خصوصاً بعد استبعاد مرشحين عشرة، فإن النظام الجمهوري هذا قد ابتدعه الغرب حينما فصل الدين عن الحياة وجعل التشريع فيه للإنسان يشرّع بالأغلبية، ويُضفي على الأغلبية العصمة والشرعية بغض النظر عن أحكام الله.
فهل مرشحٌ بعينه على رأس هذا النظام الكافر سواءٌ وُصف الشخص بكونه إسلامياً أم غير إسلامي سيغير من الأمر شيئاً؟! أليس وجوده في منصب رئيس الجمهورية يجعله محكوماً بهذا النظام ومقيداً به؟! أليس عليه أن يُقْسِم على هذا النظام الجمهوري العلماني، ويتعهد بالالتزام به قبل توليه الرئاسة رسمياً؟ فكيف بإنسان يؤمن بالإسلام ديناً وبالله رباً ومشرّعاً وحاكماً ... كيف به يقبل أن يؤدي هذا القسم؟!
إن الإسلام حدد نظام الحكم بأنه نظام الخلافة لا غير وفرضه على المسلمين. قال صلى الله عليه وسلم: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ» رواه البخاري، وقال: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِمَامٌ [أي خليفة] مَاتَ مِيْتَةً جَاهِلِيّةً» رواه الطبراني في الأوسط، وقد أجمع الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم على وجوب تنصيب خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم-يخلفه في الحكم لا في النبوة- وبايعوه قبل دفنه صلى الله عليه وسلم .
فهل بعد أمر الله تعالى وتحذيره، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بإقامة الخلافة نُساق في المنافسة والتصارع على رئاسة نظام جمهوري ديمقراطي كافر -وضعته لنا أمريكا- لا يسمن ولا يغني من جوع؟!!
وإلى الذين دخلوا سباق الرئاسة بُغية التغيير إذا فازوا بالمنصب نقول: إن من يظن أنه قادر على تغيير النظام من داخله فهو حالم! وهو ضحية الخداع السياسي! ومن يظن أن أمريكا يمكن أن تتنازل عن نظامها في مصر بطوعها وبقوانينها التي صاغتها فهو يعيش في خيال، لأن الأنظمة السياسية لا تسمح لأحد أن يقضي عليها من داخلها، وتضع قيوداً لحماية نفسها، وإن سمحت بمشاركة غيرها في اللعبة السياسية فيكون ذلك بالشروط التي تفرضها، حتى تبقي كل أوراق اللعبة بيدها.
أيها المسلمون، يا أهل مصر الكنانة:
إن التغيير يكون بالإطاحة بهذه الطُغمة الصغيرة الموالية لأمريكا في المجلس العسكري وإعادة السلطان للأمة، وإزالة النظام القائم من أساسه، وإقامة نظام الخلافة الإسلامية الراشدة مكانه، وهو جاهز للتطبيق بدستوره وقوانينه المنبثقة جميعها من كتاب الله وسنة رسوله. فاحزموا أمركم وانحازوا إلى ربكم وإسلامكم، فأمريكا تحارب في آخر خطوط دفاعها، ولم يبق لها إلا حفنة قليلة من العملاء داخل المجلس العسكري وخارجه. وهي لن تستطيع أن تمنع الإسلام من السيادة والتمكين في أرض الكنانة إذا أخلص المسلمون العمل ووثبوا وثبة رجل واحد لاسترجاع السلطان وإزالة ما تبقى لأمريكا من نفوذ.
إن حزب التحرير يدعوكم أن تطرحوا "التأسيسية" و"التوافقية" والانتخابات الرئاسية جانباً، وأن تعملوا معه لتغيير الأوضاع تغييراً جذرياً شاملاً، بإعادة الحكم بما أنزل الله، وإقامة الخلافة الإسلامية الراشدة التي يعزّ بها الإسلام والمسلمون برضى ربهم، ويعيش فيها الناس -مسلمون وأقباط- عيشاً هنيئاً سعيداً في كنف الإسلام.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلهِ ولِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم)
28 من جمادي الاول 1433
الموافق 2012/04/20م
حزب التحرير
ولاية مصر